تابعت وواليت لاحق بما عدّدناه ممّا يكون عبارة عن الواحد وإن كان لفظه لفظ المفاعلة.
فأمّا ما ذكره في آخر كلامه من أن ما تفيده الإمامة ويختصّ به الإمام لا يعلم إلّا بالشرع ، وتوصّله بذلك إلى أن لفظة «مولى» لا تفيد الإمامة فغير صحيح ؛ لأن الإمامة تجري في اللغة على معنى الاتباع والاقتداء ، وهي في الشرع أيضا تفيد هذا المعنى وإن كانت الشريعة وردت بأحكام يتولّاها الإمام على التفصيل لا يفيدها اللفظة اللغوية المفيدة للاتباع والاقتداء على سبيل الجملة.
وقد بيّنا أن الخبر إذا اقتضى وجوب الطاعة والاتباع فقد دلّ على الإمامة بجميع أحكامها الشرعية ؛ لأن الطاعة على جميع الخلق في سائر الأمور لا تجب بعد النبيّ إلّا للإمام فقد بطل قوله : «إن الإمامة لا تدخل في القسمة».
فأمّا تأويل شيوخه للخبر فقد تقدّم كلامنا عليه.
قال صاحب الكتاب : «فأمّا ما أورده من زعم أنه لو لم يرد صلىاللهعليهوآلهوسلم به الإمامة لكان قد تركهم في حيرة وعمى عليهم ، فإنه يقال له : ما الذي يمنع أن يثبت في كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما لا يدلّ ظاهره على المراد ، فإن قال : لأنّه يؤدّي إلى ضدّ ما بعث له من البيان قيل له : أليس في كتاب الله تعالى البيان والشفا ، وفيه متشابه لا يدلّ ظاهره على المراد ، فإن قال : إنّ المتشابه وإن كان ظاهره لا يدلّ على المراد ، ففي دليل العقل ما يبيّن المراد به قيل له : فيجوز (١) مثله في كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأن من خالف لا يقول : إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يرد بذلك فائدة ، وإنّما يقول : إن ظاهره لا يدلّ على مراده ، وإنّما يدلّ عليه بقرينة».
ثم قال : «فإن قال : إنما أردت أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لما عرف قصده عند هذا الكلام باضطرار إلى الإمامة فلو لم يدلّ الكلام عليه لكان معمّيا ، ...» (٢). ونشرع في الجواب عن هذا السؤال بما لم نذكره ؛ لأنا لا نسأله عنه قط فنشتغل بإضمار جوابه.
__________________
(١) في المغني «فجوّز».
(٢) المغني ، ٢٠ : ١٥٦.