من كلّ عجزاء سقوط البرقع |
|
بلهاء لم تحفظ ولم تضيّع |
أراد بالبلهاء ما ذكرناه. فأمّا قوله : «سقوط البرقع» فأراد أنّها تبرز وجهها ولا تستره ، ثقة [بحسنه وإدلالا بجماله] ، وقوله : «لم تحفظ» أراد أنّ استقامة طرائقها تغني عن حفظها ، وأنّها لعفافها ونزاهتها غير محتاجة إلى مسدّد وموقّف ؛ وقوله : «لم تضيّع» أراد أنّها لم تهمل في أغذيتها وتنعيمها وترفيهها فتشقى ، ومثل قوله : «سقوط البرقّع» قول الشاعر (١) :
فلمّا تواقفنا وسلّمت أقبلت |
|
وجوه زهاها الحسن أن تتقنّعا |
ومثله أيضا :
بها شرق من زعفران وعنبر |
|
أطارت من الحسن الرّداء المحبّرا (٢) |
أي رمت بها عنها ثقة بالجمال والكمال ، ومثله ـ وهو مليح :
لهونا بمنجول البراقع حقبة |
|
فما بال دهر لزّنا بالوصاوص |
أراد بمنجول البراقع اللاتي يوسعن عيون براقعهنّ ثقة بحسنهن ، ومنه الطعنة النّجلاء ، والعين النّجلاء ؛ ثمّ قال : ما بال دهر أحوجنا واضطرنا إلى القباح ، اللواتي يضيّقن عيون براقعهنّ لقبحهنّ ، والوصاوص : هي النّقب الصّغار للبراقع ؛ وممّا يشهد للمعنى الأوّل الذي هو الوصف بالبله لا بمعنى الغفلة قول ابن الدّمينة :
بمالي وأهلي من إذا عرضوا له |
|
ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب (٣) |
ـ ويروي بنفسي وأهلي ـ
ولم يعتذر عذر البريّ ولم تزل |
|
به ضعفة حتّى يقال مريب |
__________________
(١) هو عمر بن أبي ربيعة : والبيت في ديوانه ٣٣.
(٢) البيت للشماخ ، ديوانه : ٢٩.
(٣) الشعر والشعراء : ٤٥٩. وفي بعض النسخ : «بأهلي ومالي».