الجهّال : من جلوسه منها مجلس الخائن وانتهائه إلى حلّ السراويل ـ وحوشي من ذلك ـ لم يكن السوء والفحشاء منصرفين عنه ، ولكان خائنا بالغيب.
وقوله تعالى حاكيا عنها : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) (١).
وفي موضع آخر : (أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ).
وقول العزيز لمّا رأى القميص قدّ من دبر (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (٢) فنسب الكيد إلى المرأة دونه.
وقوله تعالى حاكيا عن زوجها لمّا وقف على أنّ الذنب منها وبراءة يوسف عليهالسلام منه : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ) (٣) وعلى مذهبهم الفاسد انّ كلّ واحد منهما مخطئ فيجب أن يستغفر فلم اختصّت بالإستغفار دونه.
وقوله تعالى حاكيا عنه : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٣) فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)) (٤) فالاستجابة تؤذن ببراءته من كلّ سوء ، وتنبئ أنّه لو فعل ما ذكروه لكان قد صبا ولم يصرف عنه كيدهنّ.
وقوله تعالى : (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) (٥) والعزم على المعصية من أكبر السوء.
وقوله تعالى حاكيا عن الملك : (ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) (٦) ولا يقال ذلك فيمن فعل ما ادعوه عليه.
فإن قيل : فأيّ معنى لقول يوسف : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧).
__________________
(١) سورة يوسف ، الآية : ٣٢.
(٢) سورة يوسف ، الآية : ٢٨.
(٣) سورة يوسف ، الآية : ٢٩.
(٤) سورة يوسف ، الآيتان : ٣٣ ـ ٣٤.
(٥) سورة يوسف ، الآية : ٥١.
(٦) سورة يوسف ، الآية : ٥٤.
(٧) سورة يوسف ، الآية : ٥٣.