فإن رأينا داخلا لا يعرف له عادة حسنى ولا سوأى توقّفنا أيضا عن منعه ؛ لأنّه لا يجوز أن يكون الدخول لوجه جميل ولا أمارة للقبيح ظاهرة.
فإن قيل : فكيف القول فيمن يتولّى للظالم ، وغرضه أن يتمّ له بهذه الولاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجمع بين هذا الغرض وبين الوصول إلى بعض منافع الدنيا ، إما على وجه القبح أو وجه الإباحة.
قلنا : المعتبر في خلوص الفعل لبعض الأغراض أن يكون لو لا ذلك الغرض لما فعله وأقدم عليه ، وإن جاز أن يكون فيه أغراض أخر ليس هذا حكمها.
فإن كان هذا المتولي لو انفردت الولاية بالاغراض الدينية وزالت عنها الأغراض الدنيوية ، لكان يتولّاها ويدخل فيها.
ولو انفردت عن أغراض الدين بأغراض الدنيا لم يقدم عليها ، فهذا دليل على أنّ غرضه فيها هو ما يرجع إلى الدين ، وإن جاز أن يجتمع إليه غيره ممّا لا يكون هو المقصود ، وإن كان الأمر بالعكس من هذا ، فالغرض الخالص هو الراجع إلى الدنيا ، فحينئذ يقبح الولاية.
فإن قيل : ما الوجه في ما روي عن الصادق عليهالسلام من قوله : كفّارة العمل مع السلطان قضاء حاجات الاخوان؟ (١) أو ليس هذا يوجب أنّ العمل من قبله معصية وذنب حتى يحتاج إلى الكفارة عنها؟ وقد قلتم : إنّها تكون في بعض الأحوال حسنة وراجحة.
قلنا : يجوز أن يكون عليهالسلام أراد بذلك أن قضاء حاجات الاخوان يخرج الولاية من القبح إلى الحسن ، ويقتضي تقرّبها من جهة اللوم ، كما أنّ الكفّارة تسقط اللوم عن مرتكب ما يقتضيها ، فأراد أن يقول : إنّ قضاء حاجات الاخوان يدخلها في الحسن ، فقال : يكون كفّارة لها ، تشبيها.
ويمكن أيضا أن يريد بذلك من تولّى للسلطان الظالم ، وهو لا يقصد بهذه
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٢ : ١٣٩ ح ٣.