حقيقة ، وفيهم من وافق على ذلك ، ووافق جميعهم على أنّ ولد الولد وإن هبط يسمّى ولدا على الحقيقة.
وقد حكي عن بعضهم أنّه كان يقول : إنّ ولد الولد إنّما يسمّون بهذه التسمية إذا لم يحضر أولاد الصلب ، فإن حضروا لم يتناولهم. وهذا طريف ؛ فانّ الاسم إن تناولهم لم يختلف ذلك ، بأن يحضر غيرهم أو لا يحضر ، وما راعى أحد فيما يجري على المسميّات من الأسماء مثل ذلك.
وانّما أحوجهم إلى ذلك أنّهم وجدوا أولاد الابن لا يأخذون مع حضور آبائهم شيئا ويأخذون مع فقده ؛ بالآية المتضمّنة للقسمة على الأولاد ، فظنّوا أنّ الاسم يتناولهم في الحال التي يرثون فيها ، وهو غلط منهم.
وقد أغناهم الله تعالى عن هذه البدعة في اخر (١) الاسم والخروج عن المعهود فيها ، بأن يقولوا : إنّ الظاهر يقتضي اشتراك الولد وولد الولد في الميراث ، لو لا أنّ الإجماع على خلاف ذلك ، فتخصّصوا بالاجماع الظاهر.
وممّا يدلّ على أنّ ولد البنين والبنات يقع عليهم اسم الولد قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ) (٢) وبالاجماع انّ بظاهر هذه الآية حرّمت بنات أولادنا ، فلو لم تكن بنت البنت بنتا على الحقيقة لما دخلت تحت هذه الآية.
وتحقيق ذلك : أنّه تعالى لمّا قال : (وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ) ذكر في المحرّمات بنات الأخ وبنات الأخت ؛ لأنّهن لم يدخلن تحت اسم الأخوات ، ولمّا دخل بنات البنات تحت اسم البنات ، لم يحتج أن يقول : وبنات بناتكم. وهذه حجّة قوية فيما قصدناه.
وقوله تعالى : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ) (٣) وقوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) إلى قوله : (أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَ) (٤) لا خلاف في عموم الحكم
__________________
(١) كذا والظاهر : اجراء.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٢٣.
(٣) سورة النساء ، الآية : ٢٣.
(٤) سورة النور ، الآية : ٣١.