الآية تقتضي التعظيم والمدح لمن تعلّقت به من حيث أوجبت اتباعه ، وترك خلافه ، ولا يجوز أن يتوجه إلى من لا يستحق التعظيم والمدح ، وفي الأمة من يقطع على كفره ، وأنه لا يستحقّ شيئا منهما ؛ ولأنّه كان يجب لو كان المراد بالقول المصدّقين دون المستحقين للثواب أن يعتبر الاجماع دخول كلّ مصدّق فيه في شرق وغرب ، وهذا ممّا يعلم تعذره ، وعموم القول يقتضيه ، وليس يذهب صاحب الكتاب وأهل نحلته إلى هذا الوجه فنطنب فيه. وإن أراد بالمؤمنين مستحقي الثواب والمدح والتعظيم فمن أين ثبوت مؤمن بهذه الصفة في كلّ عصر يجب اتباعهم؟
ويجب أيضا أن لا يثبت الاجماع إلّا بعد القطع على أنّ كلّ مستحق للثواب في بحر وبر وسهل وجبل قد دخل فيه ؛ لأنّ عموم القول يقتضيه ، وهذا يؤدي إلى أن لا يثبت الاجماع أبدا ، وإن حمل على بعض المؤمنين دون بعض ، وعلى من عرفناه دون من لم نعرفه ، خرجنا عن موجب العموم ، وجاز حمله على طائفة من المؤمنين وهم أئمتنا عليهمالسلام.
وإن قيل : إنّ المراد بالمؤمنين من كان في الظاهر يستحقّ التعظيم والمدح ، وإن لم يكن في الحقيقة كذلك ، فذلك باطل ؛ لأنّه خروج في هذا الاسم عن اللغة ، وعمّا يدّعي أنّه نقل إليه في الشرع جميعا ؛ ولأنّ الآية تقتضي المدح والتعظيم ، من حيث أوجب علينا اتباع من تعلّقت به ، ومن أظهر الإيمان ولم يبطنه لا يستحق التعظيم في الحقيقة ، ولهذا تعبّدنا بمدحه بشرط ، ويجب على هذا الوجه أيضا أن يعتبر في الاجماع دخول كلّ مظهر للإيمان ، وهو مستحقّ في الظاهر للتعظيم.
ومنها : إنّا [إذا] تجاوزنا عن جميع ما ذكرناه لم يكن في هذه الآية دلالة تتناول الخلاف في الحقيقة ؛ لأنّه جائز أن يكون تعالى إنّما أمرنا باتّباع المؤمنين من حيث ثبت بالعقول أن في جملة المؤمنين في كلّ عصر إماما معصوما لا يجوز عليه الخطأ ، وإذا جاز ما ذكرناه سقط غرضهم في الاستدلال على صحّة الإجماع ؛ لأنّهم إنّما أجروا بذلك إلى أن يصحّ الاجماع فيحفظ الشرع به ،