ولعلّه لذلك أهمله شيخنا الأستاذ ، ولم يتعرّض له أصلا.
ثمّ إنّه على فرض ترتّب الثمرة عليه إذا شكّ في واجب أنّه أصليّ أو تبعيّ ، قال صاحب الكفاية (١) : إنّ مقتضى الأصل هو التبعيّة وعدم تعلّق التفات تفصيلي وإرادة مستقلّة بهذا الواجب.
وأورد عليه بعض (٢) مشايخنا ـ قدسسره ـ بأنّ الأصالة والتبعيّة إن كانت باعتبار تعلّق اللحاظ التفصيليّ والإجمالي بالواجب ، فمقتضى الأصل هو التبعيّة ، وإن كانت باعتبار تعلّق الإرادة الاستقلاليّة وعدمه به ، فمقتضى الأصل هو النفسيّة لا التبعيّة ، لأنّ الأصل عدم دخل الغير في مطلوبيّته ومحبوبيّته ، بل هو محبوب نفسا ومطلوب مستقلّا ، فيختلف الأصل باختلاف الاعتبارين.
هذا ، والتحقيق في المقام أنّ الأصل لا يثبت شيئا منهما بكلا الاعتبارين.
بيان ذلك : أنّ الموضوع إمّا من قبيل الموضوعات المركّبة التي لا ارتباط بين أجزائها من حيث اتّصاف أحدها بالآخر وعدمه ، وإنّما هو صرف الاجتماع في الزمان ، كما إذا قال المولى : «تصدّق بكذا إن مات زيد وقام بأمر الناس عمرو» أو ممّا يكون فيه ارتباط لكن ارتباط عدم الاتّصاف لا الاتّصاف بالعدم ، والقضيّة السالبة لا المعدولة. وبعبارة أخرى : العدم المحمولي لا النعتيّ ، كما إذا فرض أنّ العالم غير المتّصف بالفسق يجب إكرامه ، والمرأة غير المتّصفة بالقرشيّة تحيض إلى خمسين ، أو من قبيل ارتباط الاتّصاف بالعدم بأن يكون موضوع الحكم في المثالين العالم المتّصف بعدم الفسق ، والمرأة المتّصفة بغير القرشيّة ، فإن كان الموضوع المركّب من قبيل القسم الأوّل أو الثاني ، يجري فيه
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٥٣.
(٢) نهاية الدراية ٢ : ١٥٨.