قصد الإنقاذ لو خصّصنا الوجوب بما قصد به التوصّل إلى الواجب ، أو مطلقا ولو لم يقصد الإنقاذ لو عمّمناه من هذه الجهة أيضا على الخلاف الآتي في محلّه ، وأيّة ثمرة أحسن من هذه؟
الأمر الثالث : لا يخفى أنّ المقدّمة إمّا داخليّة محضة ، وهي ما يكون قوام الماهيّة بها ، كالأجزاء ، وإمّا خارجيّة محضة ، وهي المتوقّف عليها الماهيّة في الوجود الخارجي ، كالمشي لتحصيل الماء للوضوء ، وإمّا ذات جهتين : من جهة داخليّة ، ومن أخرى خارجيّة ، وهي كالشروط الشرعيّة ، فإنّها من جهة تقيّد الواجب بها داخليّة ، أي نفس التقيّدات مقدّمات داخليّة ، ويلحقها حكمها ، ومن جهة أنفسها خارجيّة يلحقها حكمها.
ثمّ لا ريب في دخول المقدّمات الخارجيّة في محلّ البحث ، وأمّا الداخليّة : فقد وقع الخلاف والإشكال فيه ، فتارة يعترف بمقدميّتها ، ويدّعى خروجها عن البحث ، للزوم اجتماع المثلين ، كما في الكفاية (١) ، وأخرى ينكر أصل مقدّميّتها ، كما يظهر من هامشها(٢).
فالكلام في مقامين : أصل المقدّميّة ، ووجوبها بعد الاعتراف بها.
أمّا المقام الأوّل : فالحقّ أنّه يطلق عليها المقدّمة ، وتكون مصداقا لها ، فإنّ التقدّم لا ينحصر بما يكون بين شيئين ، بل من أقسامه التقدّم بالطبع ، كتقدّم الواحد على الاثنين ، وتقدّم الآحاد على العشرة ، والمقام من هذا القبيل ، فكما تكون العشرة عين الآحاد ومع ذلك تتقدّم الآحاد عليها طبعا ، كذلك المركّب عين أجزائها ، ومع ذلك تتقدّم عليه طبعا. ومعنى التقدّم الطبعي أنّه يمكن
__________________
(١) كفاية الأصول : ١١٥.
(٢) انظر كفاية الأصول : ١١٦ ، الهامش.