مثلا (١) : «إذا شككت بين الثلاث والأربع فابن علي الأكثر وافعل كذا» فإنّ الشارع عيّن وظيفة الشاكّ ، فبعد ذلك لا يحكم العقل بأنّك كنت مأمورا بإتيان أربع ركعات وما أحرزته فما أتيت بالمأمور به ، وهذا يجري في جميع موارد الأصول والأمارات ، كقاعدة التجاوز والفراغ وأصالة الصحّة ، فقوله : «بلى قد ركعت» (٢) تعبّد بحصول الجزء في مقام الامتثال في قبال حكم العقل بالاشتغال لولاه ، ويدلّ على انطباق المأمور به على المأتيّ به تعبّدا وإن كان الشك موجودا وجدانا ، وكذا في استصحاب الطهارة وأمثاله حيث يحكم الشارع بالبناء العملي على الطهارة المتيقّنة ، وهكذا سائر الأصول والأمارات.
نعم ، يبقى الكلام فيما إذا انكشف الخلاف ، والكلام فيه يقع في موردين :
الأوّل : فيما يلزم الإعادة في الوقت والقضاء في خارج الوقت كما في الركوع.
فنقول : إنّ حكم الشارع بالصحّة وأنّه قد ركع كان موضوعه الشكّ ، والشارع تعبّد بالانطباق ما دام الشكّ باقيا ، أمّا بعد زواله فحيث لا حكم للشارع فيتحقّق موضوع حكم العقل فيحكم بالاشتغال.
الثاني : فيما لا يوجب الإعادة والقضاء ، كما إذا شكّ في قراءة الفاتحة
__________________
ـ ما لا تناله يد الجعل لا يتفاوت حاله بكون ما ينتزع عنه مجعولا أو غير مجعول ، وحكم الشارع بأنّه «بلى قد ركعت» لا ينظر إلّا إلى أنّ الركوع أتي به تعبّدا حال الشكّ ، فالتعبّد إنّما هو بالنسبة إلى كونه مأتيّا به لا الانطباق الّذي ينتزع عنه وعن المأمور به ، نعم هو مجعول بالتبع. (م).
(١) هذا تنظير ، لا مثال. (م).
(٢) التهذيب ٢ : ١٥١ ـ ٥٩٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٧ ـ ١٣٥٤ ، الوسائل ٦ : ٣١٧ ، الباب ١٣ من أبواب الركوع ، الحديث ٣.