إليه ـ كاشفا عن وجود الملاك فيه ، وليس للعبد أن يخالف أمر مولاه في هذا الفرد ويعتذر بأنّي لم أقطع بوجود الملاك فيه ، فإنّ إحراز ملاكات الأحكام ليس من وظيفة العبد ، بل شأن العبد امتثال أوامر المولى ونواهيه ، وأمّا أنّ هذا المأمور به فيه ملاك أم لا فليس من شأنه ، وهذا كما أمر المولى باشتراء اللحم فلم يشترط العبد معتذرا بأنّي لم أحرز وجود المصلحة في ذلك ، ومن المعلوم أنّه يضرب على رأس مثل هذا العبد.
وثالثة يكون مشكوكا ومردّدا بين الأمرين من دون أن يكون معيّن في البين ، كما إذا قال : «أكرم جيراني» ونعلم أنّه لا يريد إكرام عدوّه ، ونشكّ في أنّ عدم العداوة هل هو أخذ قيدا في موضوع الحكم أو هو علّة وملاك للحكم؟
وفي هذا الصورة يفصّل بين ما إذا كان المخصّص نظريّا وممّا يمكن أن يتّكل المتكلّم عليه ، فيكون من قبيل احتفاف الكلام والعامّ بما يصلح للقرينيّة على تقييده ، فيسقط ظهوره في العموم ولا يصحّ التمسّك به في المصداق المشتبه ، وبين ما إذا كان دليلا عقليّا نظريّا لا يصلح للقرينيّة ، فيجوز التمسّك بالعامّ حينئذ ، أو إجماعا ، إذ العامّ قد انعقد ظهوره في العموم ، والدليل المنفصل العقلي قد خصّصه بغير من علم عداوته قطعا تخصيصا أفراديّا ، وبقي ظهور العامّ في الفرد المشكوك عداوته على حاله ، وحيث إنّ الشكّ في التخصيص الزائد ، فيتمسّك بالعامّ ، ويحكم بوجوب إكرام كلّ فرد من أفراد الجيران غير من علم بعداوته ، ويكون العموم كاشفا عن عدم وجود العدوّ في أفراد العامّ ، ويحمل السكوت عن المعلوم عدواته على المصلحة فيه أو المفسدة في التقييد بعدمه في المولى الحقيقي ، أو الغفلة في المولى العرفي.
فانقدح ممّا ذكرنا أنّ التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة فيما إذا كان