ولو كان مخصّصا لبّيّا صالحا لصرف ظهور الكلام والعامّ عن العموم ، وكان ممّا يمكن أن يتّكل عليه المتكلّم ، فحيث إنّه يكون حينئذ من قبيل احتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة ، فيسقط العامّ عن الظهور في العموم ، أي : لا ينعقد له ظهور في العموم ، ففي المخصّص اللفظي وإن انعقد للعامّ ظهور في العموم ولا ينقلب عمّا هو عليه إلّا أنّ الخاصّ لأقوائيّته في الظهور يقدّم على العامّ ، وفي اللّبّي المحتمل للقرينيّة لا ينعقد من الأوّل ظهور للعامّ في العموم ، ففي كلّ منهما ما هو الحجّة للعبد هو العامّ المقيّد بنقيض الخاصّ ، فلا بدّ له من إحراز العامّ وقيده ، لأنّ القضيّة وإن كانت خارجيّة إلّا أنّ المخصّص سواء كان لفظيّا أو لبّيّا حيث إنّه عنوان أخذ مفروض الوجود لا فرد خارجيّ ، يستكشف منه أنّ المولى جعل تطبيق الموضوع الخارجيّ المقيّد أو محتمل التقييد بعنوان مأخوذ مفروض الوجود على ذمّة المكلّف وعهدته ، فكأنّه قال : «أكرم من هؤلاء الجيران كلّ من لا يكون عدوّا لي» فلا بدّ للعبد من إحراز أنّ هذا الفرد ـ مثلا ـ ممّن لا يكون عدوّا له حتّى يجب إكرامه عليه ولا يجب إكرام من يكون مشكوكا عداوته ، وليس للمولى أن يعاقب العبد على ترك إكرامه ، فإنّ العبد له حجّة على المولى ، فيجيبه ـ لو سأله عنه ـ ب «لا ، إنّك تكلّمت بكلام غير ظاهر ببركة القرينة اللفظيّة أو العقليّة المنفصلة الصالحة لصرف ظهور الكلام في العموم في غير وجوب إكرام من لا يكون عدوّا لك من الجيران ، وأنا لم أحرز ذلك».
ولو كان المخصّص لبّيّا نظريّا لا يصلح لصرف ظهور العامّ في العموم ، فحيث إنّ العامّ انعقد ظهوره في العموم ، وتمّ الحجّة للمولى على العبد ، والمولى بنفسه أحرز انطباق الموضوع على ما في الخارج ، فنفس العموم