كالصريح في ذلك ، بناء على أنّها وردت لترجيح حجّة على حجّة أخرى ، كما هو المختار وسيأتي إن شاء الله في محلّه ، لا أنّها وردت لتمييز الحجّة عن اللاحجّة ، كما اختاره صاحب الكفاية (١).
وذلك لأنّه في هذه الروايات حكم بوجوب الأخذ بالمشهور بين الأصحاب وأعدلهما وأوثقهما وإن خالف الكتاب ، وجعل وجوب الأخذ بما وافق الكتاب في طول الأخذ بما اشتهر بين الأصحاب ، وبأعدلهما ، فنفس هذه الأخبار تدلّ على وجوب العمل بالخبر المخالف بهذا النحو من المخالفة في صورة المعارضة ، فكيف في غيرها؟
ثمّ إنّ ما احتمله صاحب الكفاية قدسسره ـ من أنّها ناظرة إلى أنّهم عليهمالسلام لا يقولون ما خالف قول الله ، الواقعيّ وإن كان مخالفا لكلامه الظاهريّ وما يكون بين الدفّتين ، نظرا إلى أنّ القول يطلق على الرّأي والاعتقاد ، يقال : قال فلان في كتابه كذا ، أي : رأيه كذا ، ومراده الجدّي من لفظه كذا ، لا أنّه مراده الاستعماليّ (٢) ـ ليس بشيء ، فإنّها وردت في مقام تعيين الميزان في صدق الخبر وكذبه ، لكثرة من يكذب عليهم في ذلك الزمان لأجل أنّ الناس لا يعتقدون بهم عليهمالسلام ، ومن يفتري عليهم ما يخالف كتاب الله لأجل إسقاطهم عن عيون الناس وحطّ درجتهم عندهم.
وأيضا هو مخالف لصريح بعضها الآمر بعرض الأخبار على الكتاب ، والأخذ بما يوافقه وطرح ما يخالفه (٣) ، وواضح أنّه لا معنى للأمر بطرح ما يخالف قول الله تعالى واقعا ، فإنّه لا طريق إليه إلّا للراسخين في العلم.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٥٠٦.
(٢) كفاية الأصول : ٢٧٦.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٠ ـ ٢١ ـ ٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ١١٣ ـ ١١٤ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢١.