والأمر بالمقيّد أيضا يكون مشروطا بعدم الإتيان بالمطلق بقاء لا حدوثا ، ومن البديهي أنّه خلاف مقتضى ظاهر الأمر ، فإنّه يقتضي كونه مطلقا لا مشروطا.
وهكذا الاحتمال الخامس أيضا مدفوع : بأنّ مقتضاه أن يأمر المولى تخييرا بأن يقول : «إمّا أعتق رقبة مؤمنة أوّلا أو أعتق رقبة مجرّدة عن قيد الإيمان ثمّ أعتق رقبة مؤمنة» وذلك لأنّ المولى حيث إنّه يحصل غرضه بكلا النحوين ، ويمكن للعبد استيفاء كلتا المصلحتين ، وتحصيل غرض مولاه بطريقين ، فالأمر تعيينا بسلوك أحد الطريقين دون الآخر جزاف ، فلا بدّ من الأمر بسلوك أحد الطريقين تخييرا ، وهو يحتاج إلى قرينة مفقودة على الفرض في المقام ، بل ظاهر كلا الدليلين أنّهما متكفّلان لحكمين إلزاميّين نفسيّين مطلقين تعيينيّين ، ولا معارضة بينهما من جهة من هذه الجهات أصلا ، فكلّ من هذه المحتملات سوى الأوّل منها مدفوع لا التفات إليه ، فيبقى الاحتمال الأوّل ، وهو كون المصلحة في الواقع ونفس الأمر واحدة ، ومقتضاه كون التكليف أيضا واحدا.
وبعد ما عرفت أنّه بحسب مقام الإثبات ليس لنا إلّا هذا الاحتمال تعرف أنّه يجري في هذا القسم ما جرى في صورة إحراز اتّحاد التكليف من الاحتمالين : حمل المطلق على المقيّد والتصرّف في المطلق ، وإبقاؤه على حاله ، والتصرّف في المقيّد بحمله على أفضل الأفراد ، وعرفت أنّ الحقّ هو الأوّل ، لأنّ التعارض بين ظهور المطلق في الإطلاق ، وظهور المقيّد في وجوب المقيّد متعيّنا ، والأخذ بظهور المطلق متوقّف على عدم وجود القرينة على الخلاف ، وبعبارة أخرى : حجّيّته بقاء منوط بعدم البيان ، والمقيّد قرينة وبيان له ، فيرفع اليد عن ظهوره في الإطلاق ، كما أنّه لو كان متّصلا ، لكان مانعا عن