يَفْعَلُونَ (٣٦) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٩) حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (٤٠) وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) [هود : ١١ / ٣٦ ـ ٤١].
أخبر الله تعالى بوحيه إلى نوح عليهالسلام أنه لن يؤمن أحد من قومك بدعوتك إلا من قد آمن سابقا ، وهم قلّة قليلة ، فلا تحزن عليهم ، ولا يهمنك أمرهم ، فدعا عليهم نوح بإذن ربّه وبعد هذا الوحي قائلا : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح : ٧١ / ٢٦].
واصنع السفينة برعايتنا وحفظنا وحراستنا وبتعليمنا لك ما تصنعه لتنجو بها مع المؤمنين ، وكيلا تخطئ ، ولا تراجعني يا نوح ولا تدعني في شأن قومك ودفع العذاب بشفاعتك ، فقد وجب عليهم العذاب ، وتم الحكم عليهم بالإغراق.
وبدأ نوح عليهالسلام بصنع السفينة ، وكلما مرّ عليه جماعة من أشراف قومه ، استهزءوا به ومن صناعته ، وكذبوا بما توعّدهم به من الغرق ، فقال نوح على سبيل الوعيد والتهديد الأكيد : إن تسخروا منا لصنع هذه السفينة ، فإنا سنسخر منكم في المستقبل حين الغرق ، كما تسخرون منا الآن ، فسوف تعلمون قريبا بعد تمام العمل من يأتيه عذاب يهينه في الدنيا ، وهو عذاب الغرق ، ويحل عليه عذاب مقيم ، أي دائم مستمر.
__________________
(١) بحفظنا وكلاءتنا.
(٢) ينزل به.
(٣) نبع الماء من تنور الخبز المعروف.
(٤) وقت إجرائها.
(٥) وقت إرسائها.