والصوف ونحوها ، تقيكم شدة الحر والبرد ، وجعل لكم دروعا من الحديد ونحوه تقيكم بأسكم ، أي شدة القتال والطعن وضرب الرماح والسيوف والنبال وشظايا القنابل وغيرها. وهكذا تتوالى نعم الله تعالى عليكم أيها الناس ، للاستعانة في أموركم وحوائجكم ، وإطاعة ربكم وعبادته ، لتدخلوا في دين الإسلام ، وتؤمنوا بالله وحده ، وتتركوا الشرك وعبادة الأوثان ، فتدخلوا الجنة ، وتأمنوا العذاب والعقاب.
فإن أعرض الناس بعد هذا البيان وتعداد النعم ، فليس عليك أيها النبي شيء من المسؤولية والحرج ، ولست بقادر على خلق الإيمان في قلوبهم ، إنما عليك فقط تبليغ رسالتك بوضوح ، وتبيان أصول دعوتك ، ومقاصد الدين ، وأسرار التشريع ، وسبب هذا الإعراض ، هو التنكر للجميل والمعروف ، فهم يعرفون أن الله تعالى هو المنعم بهذه النعم عليهم ، وهو المتفضل بها عليهم ، ومع هذا ينكرون ذلك بأفعالهم ، ويعبدون معه غيره ، ويسندون الرزق والنصر إلى غيره ، وأكثرهم الكافرون كفر نعمة وعقيدة ، أي الجاحدون المعاندون ، وأقلهم المؤمنون الصادقون.
الشهادة على الأمم من أنفسهم يوم القيامة
كل جان أو مخطئ في الغالب لا يجرأ على الاعتراف بذنبه ، سواء في قضاء الدنيا أو في قضاء الآخرة ، ويحتاج الأمر حال الإنكار إلى إثبات بالشهود ، لأنه لا يصدر الحكم القضائي عادة من غير أدلة كافية في الإثبات كالإقرار والشهادة والقرائن واليمين. ويحتاج الأمر لبيان جنايات العصاة يوم القيامة ، فيبعث الله الشهود من الأمم نفسها أو من غيرها ، وفي هذه الآيات التالية إثبات الجرم من الأمم ذاتها بشهادة الشهود ، قال الله تعالى واصفا ذلك وردود الفعل من المشركين والكفرة :