أنهم وقعوا في الضلال ، بتقليدهم زعماء الكفر ، ألا بئس شيئا يحملونه من الذنب ذلك الذي يفعلون.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس حديثا نصه : «أيما داع دعا إلى ضلالة ، فاتّبع ، فإن عليه مثل أوزار من اتّبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ، وأيما داع دعا إلى هدى ، فاتّبع ، فله مثل أجورهم ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء».
وهناك شبه بين الكفار القدامى والكفار الجدد في عصر النبوة ، فلقد مكروا جميعا لدين الله ورسله ، واحتالوا لإطفاء نور الله ، فأهلكهم الله تعالى في الدنيا ، بتدمير مبانيهم من قواعدها ، وإسقاط السقوف عليهم من فوقهم ، وإبطال كيدهم ، وإحباط أعمالهم ، وإطباق العذاب عليهم من كل جانب ، من حيث لا يحسون بمجيئه ولا يتوقعون حدوثه ، قال ابن عباس : الإشارة ب (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) إلى نمرود الذي بنى الصرح ليصعد به إلى السماء على زعمه ، فلما أفرط في علوه ، وطوّله في السماء فرسخين ـ على ما حكى النقاش ـ بعث الله عليه ريحا فهدمه ، وخر سقفه عليه وعلى أتباعه ، وهذا أيضا يشمل جميع من كفر من الأمم المتقدمة ومكر ، ونزلت به عقوبة من الله تعالى.
هذا عذابهم في الدنيا ، ولهم عذاب آخر وهو أنه يوم القيامة يخزيهم ، ويظهر فضائحهم ، ويذلّهم إذلالا دائما ، ويقول لهم الرب تبارك وتعالى تقريعا لهم وتوبيخا : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) أي أين شركائي في زعمكم ، أين آلهتكم التي عبدتموها من دوني وكنتم تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم؟ أحضروهم ليدفعوا عنكم العذاب.
قال العلماء المقرّون بالتوحيد لله : إن الذل والفضيحة والعذاب محيط اليوم بالكافرين الذين كفروا بالله ، وأشركوا به ما لا يضرهم ولا ينفعهم. وهؤلاء