سبب نزول هذه الآية : أن المشركين كانوا يستعجلون ما أوعدهم الرسول صلىاللهعليهوسلم من قيام الساعة ، أو إهلاك الله تعالى إياهم ، كما فعل يوم بدر استهزاء وتكذيبا ، ويقولون : إن صحّ ما يقوله ، فالأصنام تشفع لنا ، وتخلّصنا منه ، فنزلت. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت : (أَتى أَمْرُ اللهِ) ذعر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى نزلت : (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) فسكنوا.
موضوع الآية الأولى : (أَتى أَمْرُ اللهِ) : إعلان أن الأمر الموعود به ، وهو قيام الساعة ، متحقّق حادث لا محالة ، وأنه تعالى منزه عن الشريك والولد ، فهو إله واحد لا شريك له. وموضوع الآية الثانية : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ) : الإخبار بأن نزول الوحي بوساطة الملائكة ، والتّنبيه على التوحيد الذي هو منتهى كمال القوة العلمية ، والأمر بالتقوى الذي هو أقصى كمال القوة العملية ، وأن النّبوة عطاء إلهي محض. والمراد من قوله سبحانه : (لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) معرفة الحق لذاته ، وأما المراد من قوله تعالى : (فَاتَّقُونِ) فهو معرفة الخير لأجل العمل به.
لقد استعجل الكفار المشركون ما وعدوا به من قيام الساعة أو نزول العذاب بهم استهزاء وتكذيبا بالوعد ، فقيل لهم : (أَتى أَمْرُ اللهِ) قال فيه جمهور المفسرين : إنه يريد القيامة ، وفيه وعيد للكفار. وعبّر عن وقوع القيامة بلفظ الماضي (أَتى) على جهة التأكيد أي للدلالة على التّحقق وثبات الأمر كأنه لوضوحه والثقة به وقع ، وصار من الأحداث الماضية. ولم يكن هناك استعجال إلا ثلاثة أمور : اثنان منها للكفار في القيامة والعذاب ، والثالث للمؤمنين في النصر وظهور الإسلام.
والمعنى : لما لم تقع القيامة بنحو سريع كما أخبر النّبي المصطفى صلىاللهعليهوسلم قومه المشركين ، نسبوه إلى الكذب ، فأجابهم الله تعالى : قد حصل أمر الله وحكمه ، ووجد من الأزل إلى الأبد ، وتحقّق بنزول العذاب ، إلا أن تنفيذ الأمر بإقامة القيامة