وغيرهم الذين ادّعوا أن لله تعالى ولدا. وموضوع الآيات هو هذا الإنكار الشديد على نسبة الولد لله سبحانه. ومعناها : زعم بعض المشركين أن الملائكة بنات الله ، وزعم غيرهم أن رسولا نبيّا أو وليّا مقرّبا صالحا هو ابن الله. تنزه الله وتقدّس عن الولد والشريك ، لأنه هو الغني بذاته عن كل ما سواه ، وكل شيء فقير إليه ، ولا حاجة له للولد.
وكيف يكون لله ولد مما خلق؟ وكل شيء مملوك له وعبد له ، وهو خالق السماوات والأرض ومن فيهما ، ولا شبيه له ولا نظير ، ولا يحتاج لأحد من خلقه ، ولا يشاركه في ملكه وسلطانه وتصرّفه وتدبيره أحد ، فكيف يتخذ ولدا مخلوقا موهوبا له ، محتاجا إليه في كل شيء مادّي كالرزق والمعيشة ، أو معنوي كالإعانة والنّصرة؟! والولد جزء مما هو غني عنه ، كما في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)) [فاطر : ٣٥ / ١٥].
وليس عندكم أيها المشركون أي سلطان أو دليل على ادّعائكم وجود ولد لله ، وما تقولونه محض الكذب والافتراء والبهتان ، أتقولون على الله قولا لا حقيقة له ، وتنسبون إليه تعالى ما لا يصح عقلا وواقعا نسبة الولد إليه؟! وقوله تعالى : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) استفهام يراد به التوبيخ والتقريع ، والتّهديد الشّديد.
ثم توعّد الله تعالى الكاذبين عليه المفترين الزّاعمين أن لله ولدا بأنهم قوم خاسرون ، لا يفوزون بخير في الدنيا ولا في الآخرة ، أما في الدنيا فيستدرجهم ربّهم ويمتّعهم قليلا ، وأما في الآخرة فيضطرّهم إلى عذاب غليظ شديد ، فهم لا يظفرون ببغية ، ولا يبقون في نعمة.
وهذا ما قررته الآية هنا (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) أي لهم تمتع في الدنيا قليل ولمدة قصيرة ، (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) أي ثم بعد الموت يرجعون إلى ربّهم بالبعث يوم