وهي الملك والسلطان ، وما نحن لكما بمصدّقين فيما تدّعيانه من دين جديد ، يبطل دين الأسلاف والآباء.
وهذا إعلان صريح من فرعون وقومه بأنهم مكذبون برسالة موسى وأخيه هارون ، إلا أنهم خاطبوا موسى أولا بقولهم : (أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) ؛ لأنه كان هو الدّاعي لهم للإيمان بما جاء به ، والإقرار بتوحيد الإله ، ونبذ عبادة الأصنام والأوثان. ثم أشركوا معه أخاه في قولهم : (وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ) لأنه كان رسولا شريكا في الدعوة ، وفي الإفادة من ثمراتها ، وهي في زعمهم تحقيق النفوذ والسلطة والعظمة.
وهذه ذريعة للتكذيب برسالة موسى وأخيه هارون ، وإغراء للمستفيدين من حكم فرعون بمقاومة هذه الرسالة ، ومطاردة موسى وأخيه ، حفاظا على كرسي الحكم الملكي والسلطة في أراضي مصر.
ـ ٢ ـ
الاحتكام للسحرة في عهد فرعون
زعم فرعون أو ظنّ أن ما جاء به موسى من معجزة العصا واليد مجرد سحر ظاهر ، فدعا إلى الاحتكام للسّحرة ليبطل دعوة موسى عليهالسلام ، ولينقذ موقفه أمام الناس ، وليحافظ على هيلمانه وسلطانه ، ولكن الله غالب ، والمعجزة الإلهية هي التي ستبطل إفك السحرة ، ويظهر الحق ، وتعلو كلمة الله والإيمان به ، حتى ولو كره المجرمون ذلك. وهذا ما صوّرته الآيات القرآنية التالية :
(وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (٧٩) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٨٠) فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١) وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨٢)) [يونس : ١٠ / ٧٩ ـ ٨٢].