ووصف الله تعالى هؤلاء الكافرين الجاحدين بالرسالة النّبوية بصفات ثلاث :
ـ فهم الذين يحبّون الدنيا ويؤثرونها على الآخرة ، ويعملون للدنيا ومتعها فقط.
ـ وهم الذين يمنعون من اتّباع الرّسل ويعرقلون مسيرة الإيمان بالله والقرآن والنّبي.
ـ وهم يحبّون أن تكون سبيل الله معوجة مائلة عن الحق ، لتوافق أهواءهم. وسبيل الله : طريقة هداه وشرعه الذي جاء به رسوله صلىاللهعليهوسلم.
أولئك الجاحدون الموصوفون بتلك الصفات السابقة في ضلال بعيد عن الحق ، وفي جهل عميق ، لا يرجى منهم عودة إلى الصلاح والفلاح.
وإذا كانت مقاصد القرآن هذه وهي التنوير والهداية ، فإن الله يسّر سبيل معرفتها للعرب حاملي رسالة الإسلام لتبليغها للعالم بجعل القرآن بلغتهم العربية لفهمه وإدراك غاياته ومعرفة شرائعه وأحكامه ، كما أن من لطف الله وإحسانه أن يرسل كل رسول بلغة قومه ، ليقع التّكلم بالبيان والعبارة المفهومة ، ثم يكون غير أهل تلك اللغة أتباعا في التبيين لأهل اللسان ، وهذه ضرورة متعيّنة إذ لا يعقل كون الكتاب الإلهي بكل لغات العالم.
وبعد هذا البيان وإقامة الحجة على الناس ، يكون الناس فريقين : فريق الضّلال لإصراره على الكفر واجتراح السّيئات ، وفريق الهداية لمبادرته إلى الإيمان ، وتقتصر مهمة الرّسول على التّبليغ والبيان ، وأما إيجاد الهداية والوقوع في الضّلال فهو بيد الله ، ينفذ فيه سابق قضائه ، ويعمل بمقتضى حكمته التي لا تعلّل ، ولا يعترض عليها ، ولا يفعل الله شيئا إلا بسابق علمه بحال كل إنسان ، فيوفّقه للهداية أو يحجبه عنها ، وهو سبحانه القوي الذي لا يغلب ، فما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وهو الحكيم في صنعه وأفعاله.