مادّيون ، وحرمهم الله تعالى من الهداية للطريق القويم ، وطبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ، وجعلهم الله من الغافلين عما يراد بهم من العذاب الشديد يوم القيامة.
واستثنى الله بعض المتظاهرين بالكفر ، وهم الذين كفروا بألسنتهم ووافقوا المشركين على مرادهم بالإكراه بسبب الضرب والأذى ، ولكن قلوبهم مطمئنة بالإيمان بالله ورسوله ، كما فعل عمار بن ياسر حينما عذبه المشركون ، فنال من النبي في ظاهر لسانه.
فقد أخذ المشركون بلالا وخبّابا وعمارا بن ياسر ، فأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقية ، فلما رجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حدثه فقال : كيف كان قلبك حين قلت : أكان منشرحا بالذي قلت؟ قال : لا ، فأنزل الله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) ونفى بعض المفسرين كابن عطية نزول الآية في شأن عمار قائلا : فإنه أرفع من طبقة هؤلاء ، وإنما هؤلاء من باب : فمن شرح بالكفر صدرا ، فتح الله عليهم باب التوبة في آخر الآية.
ثواب المهاجرين الصابرين
اقتضت رحمة الله وفضله أن يفتح باب التوبة لبعض المؤمنين الذين جاملوا الكفار المشركين في مكة ، ووافقوهم على مرادهم ، وإظهار الكفر ، والاعتصام بالإيمان في حقيقة الأمر وباطن القلب ، وهؤلاء كانوا مستضعفين بمكة ، وشأن الضعيف المعذب عادة المجاملة في القول ، والإقرار بما يرضي الظلمة ، غير أن المعوّل على ما في القلب من إيمان ورضا واطمئنان ، قال الله تعالى مبينا فضله على هذه الفئة :