وعيد على الكذب والكاذبين ، فإن الذين يختلقون الكذب على الله ، لا يفوزون بخير في الدنيا ولا في الآخرة ، أما في الدنيا فيتمتعون متاعا قليلا زائلا ، وأما في الآخرة فلهم عذاب مؤلم جدا.
ثم أخبر الله تعالى بما حرم على اليهود ، فلقد حرمنا على اليهود ما قصصناه عليك في سورة الأنعام ، وهو ذوات الأظفار كالأوز والبط ، وشحوم الدواب ما عدا السّنام ، والمجاور للأمعاء (الحوايا) والمختلط بالعظام ، وما كان التحريم بظلم من الله ، ولكن كان بسبب ظلم ارتكبوه ، وذلك الظلم : هو عصيان أوامر الله ، ومعاداة الرسل ومعاندتهم ، وتجاوز حدودهم ، فعوقبوا بما حرمه الله عليهم ، كما جاء في آية أخرى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) [النساء : ٤ / ١٦٠]. أي إن التحريم كان صراحة بسبب الظلم والبغي ، عقوبة وتشديدا ، ووضعا للعقوبة في موضعها.
وعلى الرغم من كون التحريم على اليهود ، بسبب ظلم ارتكبوه ، فإن الافتراء على الله ومخالفة أمره ، لا يمنع من التوبة وحصول المغفرة والرحمة ، فإن ربك غفار ستار ، رحيم بالذين افتروا عليه التحريم والتحليل ، وعملوا السوء ؛ وهو كل ما لا ينبغي من الكفر والمعاصي بسبب الجهالة ، أي تعدي الطور ، وركوب الرأس ، ويخرج من الجهالة المتعمد ، ثم تابوا وأنابوا إلى الله ، وأصلحوا الأعمال على وفق مراد الله ورسوله ، فإن الله يغفر الذنب للتائب ، ويرحمه في الآخرة والدنيا ، أي إن المغفرة والرحمة مرتبطان بالتوبة والإنابة والندم على الأفعال ، وإصلاح الأعمال.