(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الأنعام : ٦ / ٥٤]. وكما ورد في الصحيحين عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الله كتب كتابا ، فهو عنده فوق العرش ، إنّ رحمتي سبقت غضبي».
الخلاصة : دلّت الآيات على وجوب النظر في الكون ، والبحث عما فيه للعظة والاعتبار ، وتحقيق الخشية من الله تعالى والإيمان به ، والحثّ على العلم والبحث والتأمّل ، فمن دون العلم لا تتقدم البشرية ، ومن غير العلم والنظر لا توجد عقيدة الإيمان بالله تعالى ، وبغير العلم لا تنتظم شؤون الدنيا ، ولا يقتنع الناس بعدالة الله في الحساب ، وإذا لم يوجد العلم حلّ الجهل والفوضى. كل ذلك لتقرير أن الإسلام دين علم وعمل ، وأن الرسول صلىاللهعليهوسلم هو المعلّم الأول ، والموجّه الأول للبشرية نحو السعادة.
أصول الدين والعبادة والدعاء
يوجّه القرآن الكريم الناس جميعا إلى ما ينفعهم ويسعدهم ، ويبعدهم عن كل ما يضرّهم ويشقيهم ، وليس الدين إلا مجرد مدرسة تربوية عالية ، تأمر بأصول الحياة الصحيحة ، وبمكارم الأخلاق العالية ، وتنهى وتمنع عن انحراف الفكر والسلوك. ومن أخصّ مقتضيات النظام الأصلح أن تكون العبادة والدّعاء لله عزوجل وحده ، دون إشراك أحد معه سواه. وهذا ما قررته الآيات التالية :
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا (١) (٢)
__________________
(١) اصرف ذاتك كلها للدين الحق.
(٢) مائلا عن الباطل إلى الدين الحق.