ويبقي ذكرك ، وهو إسحاق ، وبلد من بعده يعقوب الذي من ذرّيته أنبياء بني إسرائيل ، ويسمى ولد الولد الولد من الوراء.
وكانت امرأة إبراهيم ابنة عمه (سارّة بنت هارون بن ناحور) واقفة تخدم القوم ، وراء ستار ، بحيث ترى الملائكة وتسمع محاورة إبراهيم مع أضيافه ، فضحكت سرورا بزوال الخوف ونشر الأمن. قال الجمهور : وهو الضحك المعروف ، وكان الضحك من البشارة بإسحاق. بشّرتها الملائكة بولد هو إسحاق ، وسيلد له ولد هو يعقوب ، فقالت لما بشرت بالولد : عجبا كيف ألد ، وأنا عجوز كبيرة عقيم ، وزوجي في سنّ الشيخوخة لا يولد لمثله ، إن هذا الخبر لشيء عجيب ، غريب عادة. وكلمة (فَبَشَّرْناها) أضيف الضمير إلى الله تعالى ، وإن كانت البشارة من فعل الملائكة ؛ لأن ذلك بأمر الله ووحيه. وروي أن سارّة كانت في وقت هذه البشارة بنت تسع وتسعين سنة ، وإبراهيم ابن مائة سنة.
فأجابتها الملائكة : كيف تعجبين من قضاء الله وقدره بأن يرزقكما الله الولد وهو إسحاق ، فإن الله لا يعجزه شيء في الكون ، وهو على كل شيء قدير. ورحمة الله الواسعة وبركاته الكثيرة عليكم يا أهل بيت النّبوة ، وقد حدث توارث النّبوة في نسل إبراهيم إلى يوم القيامة ، إنه تعالى المحمود في جميع أفعاله وأقواله ، المستحقّ لجميع المحامد ، الممجّد في صفاته وذاته ، فهو محمود ماجد.
ولما ذهب الخوف من الملائكة عن إبراهيم عليهالسلام حين لم يأكلوا ، وبشّروه بالولد ، وأخبروه بهلاك قوم لوط ، أخذ يجادل الملائكة وهم رسل الله في هؤلاء القوم ، وجعلت مجادلتهم مجادلة لله ؛ لأنهم جاؤوا بأمره ، وينفذون الأمر ، وجداله لأن إبراهيم حليم غير متعجل بالانتقام من المسيء إليه ، كثير التّأوّه مما يسوء الناس ويؤلمهم ، ويرجع إلى الله في كل أموره ، فهو رقيق القلب ، مفرط الرحمة. فأجابته