وأطاعوا أوامره ، واجتنبوا نواهيه ، فلم يتأثروا بوساوس إبليس ، جزاؤهم أنهم في جنّات ، أي بساتين ذات ثمار دائمة ، وظلال وارفة ، وتتفجر من حولهم عيون هي أنهار أربعة : من ماء ، ولبن ، وخمر غير مسكرة ، وعسل مصفى ، دون تنافس عليها. ويقال لهم من الملائكة : ادخلوا هذه الجنات سالمين من الآفات ، آمنين من كل خوف وفزع ، ولا تخشوا من إخراج ولا انقطاع ولا فناء.
ويتفضّل الله على عباده المتّقين ، فينزع كل ما كان في صدورهم في الدنيا من حقد وعداوة ، وضغينة وحسد ، حالة كونهم إخوانا متحابّين متصافين جالسين على سرر متقابلين ، لا ينظر أحدهم إلا لوجه أخيه ، ولا ينظر إلى ظهره ، فهم في رفعة وكرامة وطمأنينة ومحبة. ونزع الغل والحقد في الآخرة : إنما يكون بعد استقرارهم في الجنة ، كما جاء في بعض الأحاديث.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله فيهم : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ).
ومن أفضال الله ورحمته أيضا أنه لا يصيب المؤمنين في الجنات تعب ولا مشقة ، ولا أذى ؛ لأنه لا حاجة لهم إلى السّعي والتّعب في جلب المعايش ، لتيسير كل ما يشتهون أمامهم دون جهد.
وهم كذلك ماكثون في الجنات ، خالدون فيها أبدا ، لا يخرجون منها ، ولا يحوّلون عنها.
جاء في الحديث الثابت : «يقال : يا أهل الجنة ، إن لكم أن تصحّوا فلا تمرضوا أبدا ، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تقيموا فلا تطغوا أبدا».
وتتلخص هذه النّعم والمنافع بثلاثة أشياء : الاطمئنان والتكريم ، والصفاء من الشوائب المؤذية مادّيا ومعنويا ، والدوام والخلود بلا زوال. ولا بدّ أن يعلم الناس