حين جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بعظم رميم ، فقال : أترى يحيي الله هذا بعد ما قد رمّ ـ أي بلي ـ؟ وقوله سبحانه في وصف الإنسان : (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) إشارة إلى تعديد نعمة الذهن والبيان على البشر.
ومن مظاهر قدرة الله الشاملة وإنعامه على عباده أنه سبحانه خلق لهم الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ، وكان للناس فيها جمال في النظر وزينة حين سروحها إلى المراعي ، ووقت رواحها ورجوعها عشاء منها ، وهي بأصوافها وأوبارها وجلودها واسطة الدفء أي السخونة ، وفيها منافع كثيرة أخرى بالأكل من ألبانها ولحومها ، وبعون الإنسان بركوبها ونقل الأحمال على بعضها.
فهي تحمل أثقال الناس ، أي أمتعتهم من مكان إلى آخر ، حيث توجهوا بحسب اختلاف أغراضهم ، ويعجزون عن نقلها وحملها إلى بلد آخر ، لا يبلغونه إلا بشق الأنفس ، أي بمشقة شديدة وعناء كبير ، إن ربكم الذي سخّر لكم هذه الأنعام وذلّلها لكم كثير الرأفة والرحمة بعباده ، حيث جعل هذه الأنعام لكم مصدر خير كبير ورزق وفير ، وأداة نفع وجلب مصلحة.
ومن مظاهر قدرة الله أيضا أنه خلق الخيل (١) والبغال والحمير للركوب عليها والتزيّن والمفاخرة بها ، ويتجدد الخلق كذلك ، فهو سبحانه يخلق للناس غير هذه الحيوانات ويلهمهم صناعة وسائل نقل كثيرة مما نشاهده من النّعم الحديثة من قطارات وطائرات وسفن وسيارات وغيرها. مما لا يعلم به الإنسان ، فإن مخلوقات الله تعالى من الحيوان وغيره لا يحيط بعلمها بشر ، بل ما يخفى عنه أكثر مما يعلم ، وقد روي أن الله تعالى خلق ألف نوع من الحيوان ، منها في البر أربع مائة ، وبثّها بأعيانها في البحر ، وزاد فيه مائتين ليستا في البر.
__________________
(١) سميت الخيل خيلا لاختيالها في المشية.