تألها ، لا يحق لهم شيء من صفات الربوبية ، لانعدام صفة الحياة الدائم والعمل الشامل والقدرة الكاملة والإرادة النافذة ، وهذا ما نجده مصرحا به في آيات القرآن التالية :
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧) وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨) وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (٩)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦) (٧) (٨) (٩) (١٠) (١١) [النّحل : ١٦ / ٣ ـ ٩].
هذه مظاهر الإبداع الإلهي ، أبدع الله تعالى العالم العلوي وهو السماوات والعالم السفلي وهو الأرض ومحتوياتها ، فذلك تنبيه على قدرة الله تعالى ، خلقها الله بالحق ، أي بالواجب اللائق ، وبالحكمة والتقدير المحكم ، لا عبثا ، ولا مصحوبة بالخلل والنقص ، فتنزه الله عن المعين والشريك ، لعجز ما سواه عن خلق شيء ، فلا يستحق العبادة إلا هو ، ولا الربوبية سواه.
وأبدع الله تعالى خلق الجنس الإنساني ، وكان هناك فارق واضح بين بدء الخلق واكتماله ، ليظهر الفرق بينهما بقدرة الله ، خلق الله الإنسان من نطفة مهينة ضعيفة ، ثم صار خصما واضح الخصومة لربه ، فتراه يجادل في توحيد الله وشرعه ويقول : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس : ٣٦ / ٧٨] نزلت هذه الآية لقول أبي بن خلف ،
__________________
(١) مني.
(٢) شديد الخصومة بالباطل.
(٣) الإبل والبقر والغنم والمعز.
(٤) ما تتدفئون به من البرد.
(٥) تجمل وتزين.
(٦) وقت الرواج مساء ووقت التسريح صباحا.
(٧) أمتعتكم الثقيلة.
(٨) بمشتقها.
(٩) بفعل مقدر أي وجعلناها زينة.
(١٠) بيان الطريق القويم.
(١١) من السبيل مائل عن الحق.