عصيان فرعون وقومه ، كما جاء في آية أخرى : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦)) [المزمل : ٧٣ / ١٦].
وفرعون القائد إلى النار يضاعف له العذاب ، وهو أول من تلتقطه ألسنة النار يوم القيامة في المحشر الرهيب ؛ لادّعائه أنه إله من دون الله ، ومضاعفة العذاب هو شأن المتبوعين من كل أمة ، يحملون راية العذاب ، كما جاء في قوله تعالى : (لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف : ٧ / ٣٨].
وثبت في القرآن الكريم أيضا أن آل فرعون يعذبون أيضا في الدنيا قبل الآخرة في قبورهم ، منذ ماتوا وإلى يوم القيامة ، صباحا ومساء ، كل يوم ، كما قال تعالى : (وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (٤٦)) [غافر : ٤٠ / ٤٥ ـ ٤٦].
ومن ألوان تعذيب آل فرعون تتابع لعنة الله عليهم في عالم الدنيا والآخرة معا ، لقوله تعالى : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) أي ألحق الله بهم زيادة على عذاب النار لعنة عظيمة في الدنيا ، من الأمم الآتية بعدهم ، وكذلك في يوم القيامة ، يلعنهم أهل الموقف جميعا ، وهم من المقبوحين. وقوله : (فِي هذِهِ) يريد دار الدنيا. وقوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي يلعنون أيضا بدخولهم جهنم. قال مجاهد : فهما لعنتان. أي في الدنيا والآخرة فوق عذابهم ، كما جاء في آية أخرى : (وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢)) [القصص : ٢٨ / ٤٢].
ومعنى قوله سبحانه بعدئذ : (بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) أي قبح وبئس العون المعان والعطاء المعطى هذه اللعنة اللاحقة بهم في الدنيا والآخرة ، فقد سميت اللعنات رفدا تهكّما بهم. والرّفد في كلام العرب : هو العطية ، قال ابن عباس مبينا المراد من هذه الجملة : هو اللعنة بعد اللعنة.