رسالاتهم ، ولكن هؤلاء الأقوام اغتاظوا من الرسل وعادوهم وبالغوا في تكذيبهم والنفرة منهم ، وقالوا للرّسل تعنّتا وعنادا وتبجّحا : إنا كفرنا بما أرسلتم به من الآيات الدالة على صدق رسالتكم.
فقالت لهم رسلهم : أفي وجود الله ووحدانيته شك؟ إن الفطرة والعقل يقرّان بذلك ، والواقع والحسّ يؤيّدان هذا ، فكيف تشكّون بالله؟ والله هو مبدع السماوات والأرض وخالقهما على غير مثال سابق.
والله تعالى عدا كونه خالقا موجدا هو كامل الرحمة ، يدعوكم إلى الإيمان الكامل به ، من أجل أن يغفر لكم في الآخرة ذنوبكم ، ويؤجّلكم في حياتكم إلى وقت محدد في علم الله تعالى ، وهو منتهى العمر ، إن آمنتم ، وإلا عاجلكم بالهلاك والعذاب على كفركم ، فردّ الأقوام على رسلهم بردود وشبهات ثلاث وهي :
١ ـ ما أنتم أيها الرّسل إلا بشر مثلنا في البشرية ، ولا فضل لكم علينا ، فلم تختصون بالنّبوة دوننا؟ وفي هذا استبعاد لبعثة البشر.
٢ ـ وأنتم أيها الرّسل تريدون أن نترك ما وجدنا عليه آباءنا ، بهذه الدعوة غير الصحيحة.
٣ ـ فأتونا بسلطان مبين ، أي بحجة واضحة ظاهرة على صدق نبوّتكم ، فنحن لا نؤمن إلا بالحسّيات.
فأجابهم الرّسل : لسنا نحن إلا بشر مثلكم ، نأكل ونشرب ونمشي في الأسواق ، واختصاصنا بالنّبوة أمر متروك لله يتفضّل بها على من يشاء من عباده ، وتقليدكم للآباء لا يتفق مع العقل والكرامة الإنسانية ، ولا نستطيع الإتيان بمعجزة أو دليل حسّي لإثبات نبوّتنا إلا بإذن الله وإرادته ومشيئته ، وعلى جميع المؤمنين الاتّكال على الله في كل أمورهم ، لدفع الشّر أو جلب الخير أو الصبر على العداوة.