وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩)) (١) (٢) (٣) (٤) [هود : ١١ / ٩٦ ـ ٩٩].
تأكيد وقسم تضمنته هذه الآيات للدلالة على عظمة المهمة ، وتأييد صاحبها بما يؤيد رسالته ويدعو إلى تصديق دعوته. والمعنى : تالله لقد أرسلنا موسى بآيات تسع ، أي بعلامات ظاهرة ، وسلطان مبين ، أي برهان وبيان في الحجّة ، دالّ على توحيد الله وعبادته ، إلى فرعون ملك القبط في مصر وملئه : أشراف قومه وأتباعها. وتلك الآيات والأدلة والبراهين المؤيدة بالحس المشاهد والواقع القائم كافية في إثبات صدق نبوة موسى ورسالته ، بالإيمان بالله تعالى. والآيات التسع : هي العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ونقص الثمرات ، والسنون القاحلة.
وكان المصريون الأقباط والملأ : أشراف القوم قد اتّبعوا أوامر فرعون ومناهجه ، وصدّهم عن الإيمان بالله ، وكفروا ، ولم يكن أمر فرعون وتصرفه ومنهجه برشيد ، أي ليس بمصيب ولا معقول ولا بعيد عن السفاهة ، وإنما هو محض الجهل والضلال.
لذا أخبر الله تعالى في هذه الآية : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) عن فرعون أنه يأتي يوم القيامة متقدما قومه وقائدا لهم إلى نار جهنم ، فيدخلهم فيها ، لأنه كما اتبعوه في الدنيا ، وكان مقدّمهم ورئيسهم ، كذلك هو يقدم يوم القيامة إلى النار ، فأوردهم إياها ، وله فيها الحظ الأوفر من العذاب الأكبر ، وبئس المورد (موضع الورود) الذي يردونه ، وهو ورود الدخول ، والمدخول فيه وهو النار ؛ لأن وارد الماء يرده للتبريد وإطفاء حرّ الظمأ ، ووارد النار يزداد احتراقا بلهبها ويتلظى بسعيرها. وسبب ذلك
__________________
(١) يتقدمهم.
(٢) أدخلهم فيها.
(٣) المدخل والمكان المدخول فيه وهو النار.
(٤) العطاء المعطى لهم وهو اللعن.