وكما أرسلنا نوحا إلى قومه ، أرسلنا هودا إلى قبيلة عاد العربية التي كانت تسكن الأحقاف (شمالي حضرموت وغربيّ عمان) وكانت ذات قوة وبأس وزراعة وماشية ، وزادهم الله بسطة في الجسم والمال ، وهم خلفاء قوم نوح.
دعاهم هود عليهالسلام إلى نوعين من التكاليف :
النوع الأول ـ دعاهم إلى عبادة الله وتوحيده ، مبيّنا لهم بالدليل أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فلا تعبدوا وثنا ولا صنما ، ولا تشركوا به شيئا ، ما لكم من إله غيره ، هو الخالق والرّزاق ، وما أنتم إلا مفترون على الله الكذب باتّخاذ الشّركاء لله وأنها شفعاء لكم.
ويا قوم ، لا أطلب على دعوتي إياكم لعبادة الله وترك عبادة الأوثان أجرا أو مالا ينفعني ، فما أجري أو ثوابي إلا على الله الذي خلقني على الفطرة السليمة ـ فطرة التوحيد ـ أفلا تعقلون قول من يدعوكم إلى صلاحكم في الدنيا والآخرة ، وتدركون أنه ليس غير الله الفاطر الخالق إلها.
والنوع الثاني من التكاليف التي دعا إليها هود : الاستغفار والتوبة. والاستغفار : طلب المغفرة بالإيمان ، والتّوبة : الاعتراف بالذّنب والنّدم عليه والرجوع عنه. وإيمان الكافر : هو توبته من كفره ، لأنه هو نفسه رجوعه عنه.
يا قوم ، اطلبوا المغفرة على الشّرك والكفر والمعاصي السابقة ، وأخلصوا التوبة له ، فإذا استغفرتم وتبتم ، يرسل الله عليكم مطرا غزيرا متتابعا ـ وكانوا بأشد الحاجة إلى المطر بعد منعه عنهم ثلاث سنين ، لأنهم أصحاب زروع وبساتين ـ ويزدكم قوة إلى قوتكم بالأموال والأولاد ، وعزّا إلى عزّكم ـ وقد كانوا أقوياء أشدّاء يهمهم التّفوق على الناس ـ ولا تعرضوا عن دعوتي ، مصرّين على إجرامكم وآثامكم ، فلا تتولوا عن الحق ولا تعرضوا عن أمر الله تعالى.