فأجابه القوم بمطالب أربعة : وهي تقديم البيّنة على صدق قوله ، والإصرار على عبادة الأصنام الآلهة المزعومة بالرغم من قوله ودعوته ، وعدم التّصديق برسالته (أي رسالة هود) حفاظا على الموروثات والتقليد ، وما نقول إلا أن بعض الآلهة لما سببتها وضلّلت عبدتها ، أصابك بجنون ، وفسد عقلك.
فأجابهم هود معتصما بالله ربّه : أشهد الله واشهدوا على أني بريء من شرككم ومن عبادة الأصنام. وإذا كنت بريئا من جميع الأصنام التي تشركونها مع الله ، فاجمعوا كل ما لديكم من أنواع الكيد لي ، ولا تمهلوني طرفة عين ، إني فوّضت أمري كله لله ربّي وربّكم ، وتوكّلت عليه ، مع ضعفي وانفرادي ، وقوتكم وكثرتكم ، إنه هو الذي يمنعني منكم ، ويحجز بيني وبينكم.
ثم وصف قدرة الله تبارك وتعالى بقوله : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) ، والتعبير بالنّاصية لأنها في العرف حيث يسيطر عليها المالك ، أي ما من دابّة تدبّ على الأرض إلا وهي تحت سلطان الله وقهره ، فهو مصرف أمرها ومسخّرها ، وهو الحاكم العادل الذي لا يجور ، إنّ ربّي على صراط مستقيم ، أي على الحق والعدل. وهذا الجواب من هود عليهالسلام فيه تحد وقلّة مبالاة بالقوم لعدة أمور ؛ هي : البراءة من الشّرك ، وإشهاد الله على ذلك ، وإشهادهم على براءته من شركهم ، وطلبه المكايدة له ، وإظهار قلة المبالاة بهم ، وعدم خوفه منهم ومن آلهتهم المزعومة.
ـ ٢ ـ
نهاية قبيلة عاد وقوم هود
إن نهاية الطّغاة الذين يعارضون دعوة الرّسل عليهمالسلام نهاية وخيمة ، لأنهم هم الذين يحجبون الخير والصلاح عن أمتهم ، ويبقونها في حالة من المذلّة والتّخلف