تفسير سورة إبراهيم
نعمة القرآن ولغة كل رسول
إنزال القرآن الكريم أعظم نعمة على الإنسانية في تاريخها الطويل ؛ لأنه كلام الله تعالى ، ودستور العقيدة والشريعة ومنهاج الحياة والآداب والأخلاق ، ولولا هذا القرآن لكان الناس في عماية (غواية) وضلال وجهالة ، فبالقرآن وحده عرف كل إنسان ربّه ، وثاب إلى رشده ، وتربّت النفوس في مدرسة القرآن ، فصارت من طراز آخر على منهج الحق واليقين والإحسان.
وكان من فضل الله على العرب أن أنزل القرآن المجيد بلغتهم العربية ، كما أرسل كل رسول بلسان قومه ، ليفهموا رسالته ويتّبعوا دعوته ، قال الله تعالى مبيّنا هذه النعمة العظمى في مطلع سورة إبراهيم المكّية :
(الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٣) وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦) [إبراهيم : ١٤ / ١ ـ ٤].
__________________
(١) بتوفيقه لهم.
(٢) الغالب.
(٣) المحمود المثنى عليه.
(٤) هلاك.
(٥) يختارون ويؤثرون.
(٦) يطلبونها معوجة.