جَمِيعاً) أي العقوبات التي أحلّها بهم ، وسماها مكرا على ما عرف : تسمية المعاقبة باسم الذنب ، كقوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة : ٢ / ١٥].
وفي قوله تعالى : (يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) تنبيه وتحذير في طيّ إخبار ، والمعنى : أن الله تعالى عالم بجميع السرائر والضمائر ، وسيجزي كل عامل بعمله ، فينصر أولياءه ، ويعاقب الماكرين. ثم توعّدهم الله سبحانه بقوله : (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) أي سيتحقق الكفار لمن تكون العاقبة المحمودة والنهاية الحسنة من الفريقين : المؤمنين والكافرين ، حيث تكون تلك العاقبة لأتباع الرّسل في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا النصر ، وفي الآخرة الجنة.
ثم ردّ الله على منكري نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم بقوله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً ..) أي يقول الجاحدون النّبوة : لست نبيّا مرسلا من عند الله ، تدعو الناس لعبادة الله وحده ، وهجر الأصنام والأوثان ، وترك الظلم والفساد. فقل يا محمد : حسبي الله وكافيني أنه شاهد لي بصدق رسالتي ، ومؤيد دعوتي ، بما أنزله علي من القرآن المعجز ، ومن الآيات البيّنة الدالة على صدقي. وكفاني أيضا بعد شهادة الله : شهادة علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى كعبد الله بن سلام اليهودي وأصحابه وتميم الداري وسلمان الفارسي ، بما وجدوه لديهم في التوراة والإنجيل من بشارة برسالتي ، وأوصاف لا تنطبق على من سواي.