تقول : «طريقك في هذا الأمر على فلان» أي إليه يصير النظر في أمرك ، وهذا خبر يتضمن وعيدا.
ثم ابتدأ الله الإخبار عن سلامة عبادة المتّقين من إبليس ، وخاطبه الله تعالى بأنه لا حجة له عليهم ، ولا سلطان ولا قدرة ، فإن عبادي المؤمنين المخلصين أو غير المخلصين ، الذين قدّرت لهم الهداية ، لا سلطان لك على أحد منهم ، ولا سبيل لك عليهم ، ولا وصول لك إليهم ، لكن الذين اتّبعوك يا إبليس من الضّالّين المشركين باختيارهم ، فلك عليهم سلطان ، بسبب كونهم منقادين لك في الأمر والنّهي ، كما قال تعالى : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)) [النّحل : ١٦ / ١٠٠].
وإن جهنم موعد جميع من اتّبع إبليس ، كما قال الله تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) [هود : ١١ / ١٧]. ثم أخبر الله سبحانه أن لجهنّم سبعة أبواب ، قد خصص لكل باب منها جزء مقسوم وعدد معلوم من أتباع إبليس ، يدخلونه ، لا محيد لهم عنه ، وكل واحد يدخل من باب بحسب عمله ، ويستقر في درك بقدر عمله. وفي تفسير الأبواب السبعة قولان : قول : إنها سبع طبقات ، بعضها فوق بعض ، وتسمى تلك الطبقات بالدّركات ، والأبواب السبعة كلها في جهنم على خط استواء ، وقول آخر : إنها سبعة أقسام ، ولكل قسم باب ، أعلاها جهنم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السّعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، وفيه أبو جهل ، ثم الهاوية ، وتكون الأبواب على هذا القول بعضها فوق بعض ، أي إن النار إما ذات أجنحة وأقسام ، والأبواب متوالية صعودا ونزولا ، أو إن النار قسم واحد ذو دركات ، وأبوابها السبعة مداخل لها ، عافانا الله من النار ، وتغمّدنا برحمته بمنّه وكرمه.