الخالق وتوحيده ، ويدعو إلى التصديق بالرّسل ، والإيمان بالقرآن والوحي المخبر عن هذه الآيات العظام.
ولكن ما تغني أو تفيد هذه الآيات أو الدلائل الكونية والقرآنية ، والأنبياء المنذرون ، أو الإنذارات الإلهية ، قوما لا يتوقع إيمانهم بالله والرّسل ، وقضى الله أنهم لا يؤمنون بحسب علمه المحيط بإرادة الإنسان واختياره ، وكل شيء لا يقع إلا بمشيئة الله ، لأن ما في الوجود في ملك الله ، ولا يحدث أمر في ملكوت الله إلا بإرادته ، حتى لا يكون هناك قهرا أو تجاوز لإرادة المالك.
وإذا أهمل الكفار والمشركون المكذبون المعاندون النظر في آيات الله وأسراره ، حتى ولو كانوا بسطاء أو أميّين ، فهل ينتظرون أو يتوقعون إلا نزول العذاب المماثل لوقائع الأمم الماضية المكذبة لرسلهم ، وهي وقائع العذاب في قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم : (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) أي وقائع الماضين ، والأيام هنا بمعنى الوقائع ، كما في آية أخرى : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) [إبراهيم : ١٤ / ٥] ، وكل ما مضى لك من خير أو شرّ فهو أيام.
قل أيها الرسول للمشركين منذرا ومهددا : انتظروا عذاب الله وعقابه ، إني من المنتظرين هلاككم ، أو فانتظروا هلاكي ، إني معكم من المنتظرين الهلاك ، أو موعد ربّي به. والآية وعيد محض لمن كفر ، فإذا أصرّوا على الكفر ، حلّ بهم العذاب ، وإذا آمنوا نجوا ، هذه سنّة الله في الأمم الخالية ، فهل عند مشركي مكة وأمثالهم غير ذلك؟.
وإذا وقع العذاب بقوم في الدنيا ، فإن من سنّة الله المقررة إنجاء الرّسل ومتّبعيهم المؤمنين ، كما في آية أخرى : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) [مريم : ١٩ / ٧٢] ، ومثل هذا الإنجاء للرّسل السابقين ومن آمن معهم ، ننجي المؤمنين معك أيها الرّسول ، ونهلك المكذبين بالرّسل. وهذا حق أوجبه الله تعالى على نفسه الكريمة ، كما جاء في آية أخرى :