وهذا غاية الثقة بالله والاعتماد عليه ، والاستهانة والاستخفاف بمن دونه ، فعلى المؤمن أن يعتصم بالله ويثق بوعده ، ويعتمد على ربّه ، فإن العاقبة في النهاية له.
فإن أعرضتم عن تذكيري ، وكذبتم ، ولم تؤمنوا برسالتي ، ولم تطيعوني فيما أدعوكم إليه من توحيد الله وعبادته ، فإني لم أطلب منكم على نصحي إياكم شيئا من أجر أو جزاء ، إن ثواب عملي وجزائي على الله ربّي الذي أرسلني إليكم ، وأمرني أن أكون من المسلمين ، أي المنقادين الطائعين الممتثلين لما أمرت به من الإسلام والخضوع لله عزوجل. والإسلام بالمعنى العام وهو الانقياد لله وطاعته والالتزام بالدين الحنيف وهو توحيد الله وإطاعته والإعداد للقائه ، هو مضمون رسالات الأنبياء جميعا من أولهم إلى آخرهم.
ثم أخبر الله عن مصير قوم نوح المكذبين ، وفي ضمن ذلك الإخبار توعّد للكفار بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وضرب المثال لهم ، فحالكم من التكذيب تشبه حال الأقدمين بالنقمة والتعذيب. لقد أصرّوا على تكذيب نوح عليهالسلام ، فنجّاه الله هو والمؤمنين به ، بحملهم في السفينة التي صنعها بأمر الله ، وجعل الله النّاجين مع نوح خلائف أولئك الهالكين في عمارة الأرض وسكناها من بعدهم ، وأغرق الله بالطّوفان الذين كذّبوا نوحا ، فانظر أيها الرّسول محمد كيف أنجينا المؤمنين ، وأهلكنا المكذّبين المنذرين الذين أنذرهم رسولهم بالعذاب قبل وقوعه ، فلم يرتدعوا ، وأصرّوا على تكذيبه. وهذه هي العاقبة الوخيمة لكل المصرّين على تكذيب الأنبياء ، وهذه هي العاقبة الحميدة للمؤمنين المصدّقين بالله ربّا وبالإسلام دينا وشرعة ومنهاجا.