تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧)) [يونس : ١٠ / ١٠٤ ـ ١٠٧].
هذه الآيات الكريمة قانون خالد عام ، وخطاب مختصر شامل للناس أجمعين إلى يوم القيامة. فبعد أن أقام القرآن الكريم الأدلة الواضحة على صحة الدين ووحدانية الخالق وصدق النّبوة والوحي ، أمر الله بإظهار دينه ، وإيضاح الفوارق بين الدين الحق والشّرك الباطل ، حيث يعبد المشركون أصناما وأوثانا لا تضر ولا تنفع.
والمعنى : قل يا محمد للناس جميعا : يا أيها الناس إن كنتم تشكون في ديني فأنتم مخطئون ، فإن الله لا يشك فيه ، وإنما الشّك في دينكم ، ولا تعبدون الله ، وإني لا أعبد أحدا غيره ، فلا أعبد شيئا على الإطلاق مما تعبدون من دون الله ، من الأصنام والأوثان ، من حجارة ومعادن وغيرها ؛ لأنها لا تضرّ ولا تنفع ، وإنما أعبد الله الخالق البارئ القادر الذي يتوفّاكم كما أحياكم ، ثم إليه مرجعكم ، وأمرني ربّي أن أكون من المصدّقين به تصديقا تامّا ، عارفا به تمام المعرفة. وقوله سبحانه : (وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) تذكير بالموت الذي قهر الله به العباد ، وفزّع النفوس به ، وإيضاح أن المصير إلى الله بعد الموت. والتّوفي دليل على بدء الخلق والإعادة جميعا.
وفي هذا النّص الصريح تعريض بأن الدين الحق لا يشكّ فيه ، وترتاح إليه العقول السليمة ، وأما عبادة الأصنام فهي عبادة باطلة ، لأن الأصنام لا تعقل ولا تضرّ ولا تنفع ، ويستنكرها كل عاقل ؛ لأنها أحجار صماء.
ثم يأمر الله نبيّه أي وبقية الناس بأن يخلص العبادة لله وحده ، حنيفا أي مائلا عن الشّرك والباطل إلى الدين الحق ، وألا يكون من جماعة المشركين الذين يشركون في عبادة الله إلها آخر ، فالعبادة تتطلب الاستقامة والدوام والإخلاص في التّوجّه لله