وحسّا ، قرن هذا التوجيه بالتذكير بأيام الله ووقائعه في الانتقام من الأمم الكافرة الظالمة ، فقال الله سبحانه مبيّنا خطابه العام لقوم النّبي صلىاللهعليهوسلم وسائر الأمم :
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠) قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)) (١) (٢) (٣) (٤) [إبراهيم : ١٤ / ٩ ـ ١٢].
هذا تذكير بأحوال الأمم السابقة الذين كذبوا بكل وقاحة وجرأة برسالات الرّسل ، وتذكير أيضا بدور هؤلاء الرّسل في محاولة إقناع أقوامهم بتوحيد الله وقدرته وسلطانه وتصرّفه في كل شيء ، وبحاجة البشر إلى التوكّل على الله والتفويض لمشيئته.
ومفاد هذا التذكير والخطاب العام : ألم يأتكم يا أهل مكة وأمثالكم خير الأقوام السابقين من قبلكم ، وهم قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الأمم المكذّبة للرّسل ، مما لا يحصي عددهم إلا الله عزوجل. قال ابن عباس : «كان بين زمن موسى وبين زمن نوح قرون ثلاثون لا يعلمهم إلا الله».
جاءت هذه الأقوام رسلهم بالمعجزات والأدلة الواضحة على توحيد الله وصدق
__________________
(١) عضّوا أناملهم تغيّظا.
(٢) موقع في الريبة.
(٣) أي مبدعها على أكمل نظام.
(٤) حجة تدلّ على صدقكم.