بِقَرِيبٍ (٨١) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)) (١) (٢) [هود : ١١ / ٧٧ ـ ٨٣].
قدم وفد الملائكة إلى بلد لوط ، بعد ما أعلموا إبراهيم بهلاك قوم لوط في ليلة قريبة ، وكانوا في أجمل صورة بهيئة شباب حسان الوجوه ، ابتلاء من الله ، فساء لوطا عليهالسلام مجيئهم ، وضاقت نفسه بسببهم ؛ لأنه خاف عليهم شذوذ قومه الجنسي ، وخبثهم ، وعجزه عن مقاومتهم ، وقال : هذا يوم عصيب ، أي شديد البلاء والشر ، مشيرا إلى ما كان يتخوفه من تعدي قومه على أضيافه ، واحتياجه إلى المدافعة ، مع ضعفه عنها.
وجاء قوم لوط حينما سمعوا بقدوم الضيوف ، بإخبار امرأته إياهم ، مسرعين مهرولين من فرحهم بذلك ، لارتكاب الفاحشة معهم ، وكانوا قبل مجيئهم يعملون السيئات ، ويرتكبون الفواحش ، وشهد عليهم لوط بقوله : أشهد بالله لهم شر قوم في الأرض ، وعدّدت آية أخرى جرائمهم : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩)) [العنكبوت : ٢٩ / ٢٩].
فقام لوط إليهم مدافعا وقال : (هؤُلاءِ بَناتِي) أي بنات القوم ونساؤهم جملة ، إذ نبي القوم أب لهم ، والنبي للأمة بمنزلة الوالد. وهن أكرم وأطهر لكم ، أي تحت طلبكم وأحلّ لكم. و (أَطْهَرُ) هنا ليس على سبيل المفاضلة ، وليس معناها أن إتيان الرجال شيء طاهر ، وكذلك مثل قولنا : أحمر ، وأسود ، أي ذو حمرة ، وسواد. فاخشوا الله ، وخافوه ، وأقبلوا ما آمركم به من التمتع بالنساء دون الرجال بعقد الزواج ، ولا تفضحوني أو لا تخجلوني في ضيوفي ، فإن إهانتهم إهانة لي ، أليس منكم رجل ذو رشد وحكمة وعقل وخير ، يرشد إلى الطرق القويم.
__________________
(١) من طين متتابع.
(٢) لها علامة خاصة عند ربك.