إلى آخر السورة ، فكفّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأمسك عما أراد. أي من الانتقام والأخذ بالثأر لحمزة.
فهذه الآية نزلت في شأن التمثيل بالحمزة رضي الله عنه في يوم أحد. وقيل لهرم ابن حبان حين احتضر : أوص ، فقال : إنما الوصية في المال ، ولا مال لي ، وأوصيكم بخواتيم سورة النحل : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) الآيات.
والمعنى : ادع أيها النبي الناس إلى دين الله وشريعة ربك ، وهي الإسلام ، بالحكمة : أي بالقول المحكم ، والموعظة الحسنة ، أي بالعبرة والتوجيه والكلمة المؤثرة في القلوب ، والتلطف بالإنسان ، بإحلاله وتنشيطه ، ليحذر الناس بأس الله تعالى ، ويحققوا لأنفسهم النجاح ، وجادلهم بالتي هي أحسن ، أي وحاججهم محاجة تتصف بالحسن ، والإقناع ، وبالرفق واللين ، ولطف الخطاب ، والصفح عن المسيء ، وقابل الإساءة بالإحسان ، واقصد من الجدال الوصول إلى الحق ، دون رفع الصوت أو السبّ أو التعيير أو التهكّم والاستهزاء ، كما قال الله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [العنكبوت : ٢٩ / ٤٦].
ثم ذكر الله تعالى علة الأمر بالمجاملة في القول : وهي أنه سبحانه علم الشقي والسعيد من الناس ، ومن حاد أو انحرف عن سبيل الله والحق ، وهو مجازيهم على ضلالهم واهتدائهم حين لقاء ربهم ، فله وحده الجزاء والحساب ، لا لأحد من البشر ولو كان نبيا.
والعقاب ينبغي أن يكون بالمثل ، فإن عاقبتم أحدا من الناس على إساءته أو جرمه ، فعاقبوه بمثل فعله ، فذلك هو موجب العدل ، ولئن صبرتم على الأذى وصفحتم عن المسيء ، فالصبر والعفو خير للصابرين أو العافين من الانتقام ، لأن انتقام الله أشد ، وعقابه أعظم. فهذه الآية كما تقدم بإجماع المفسرين مدنية نزلت في