وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً) قيل : لأن نبيهم لما دعا الله حين طلبوه ملكا أتى بعصى يقاس بها من يتملك عليهم ، ولم يساوها إلا طالوت ، فجعله الله تعالى ملكا ، وذلك بعث من الله.
(قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ) استنكروا ذلك ؛ لأنه لم يكن من بيت النبوة ، ولا بيت الملك ، لأن النبوة كانت في سبط لاوى بن يعقوب ، والملك في سبط يهوذا ، ولم يكن طالوت من أحد السبطين ، وقد استنكروا ذلك لفقره ، وقيل : إنه كان دباغا ، وقيل : سقاء.
وقوله تعالى : (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) قيل : أراد بالعلم لأمر ما طلبوه لأجله من الحرب ، ويجوز أن يكون عالما بالديانات وغيرها ، وقد أوحي إليه وتنبّىء بعد ذلك (وَالْجِسْمِ) لطوله.
وروي أن الرجل القائم كان يمد يده فينال رأسه وهو قاعد.
وقيل : البسطة في الجسم القوة ، وقيل : الجمال ، وكان أجمل بني إسرائيل.
ثمرة الآية : أن النبوة والإمامة لا تستحق بالإرث ، وأن الغنى والصيانة من الحرف الدنية لا تشترط في أمير ، ولا إمام ، ولا قاض ، قال الحاكم : يبطل قول الإمامية : إنها وراثة ، والمعروف من قولهم : أن الإمامة طريقها النص ، وتدل أنه يشترط في الأمير ونحوه القوة على ما تولاه ، فيكون سليما من الآفات ، عالما بما يحتاج إليه ؛ لأن الله تعالى ذكر البسطة في العلم والجسم ، ردا على ما اعتبروا ، ثم إنه قد ذكر في صفة التابوت أنه كان فيه صور الأنبياء ، ولعل ذلك منسوخ بنهيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن التصاوير ، ولعنه المصورين.