قوله تعالى
(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة : ٢٢٨]
هذه الآية الكريمة يتعلق بها أربعة أحكام :
الأول : وجوب الاعتداد على المطلقات ، وهذا خبر ، والمراد به الأمر ، وفيه تأكيد للأمر من وجوه ثلاثة :
الأول : جعله خبرا ، والتقدير : ولتتربص المطلقات ، ووجه التأكيد بالخبر أن الله تعالى جعل ذلك كالواقع منهن ، لكونه مما يجب أن يتلقى بالمسارعة إليه ، فكأنه أخبر بوجوده ، ونظير ذلك قولهم في الدعاء : رحمكم الله ، جعل الرحمة كالموجودة ثقة بالإجابة (١).
الثاني : بناؤه على المبتدأ ، فإن في ذلك زيادة في التأكيد ، فهو آكد مما لو قال : «ويتربصن المطلقات (٢).
الثالث : قوله : (بِأَنْفُسِهِنَ) فإن في ذلك تهييجا لهن على التربص ؛ لأن أنفس النساء طوامح إلى الرجال ، فأمرن بقمع أنفسهن ، ولفظ المطلقات عام لكل مطلقة ، وهو يخرج من هذا غير المدخول بها ، فإنه لا
__________________
(١) وقد يقع موقع الإنشاء إما للتفاؤل نحو : وفقك الله ، أو لإظهار الحرص في وقوعه نحو : رزقني الله لقاءك ، ونحو ذلك. انظر التلخيص وشرحه.
(٢) وذلك لأن الجملة الاسمية تدل على الثبوت والدوام ، والفعلية تدل على التجدد والحدوث ، فكانت الجملة الاسمية آكد.