الزاجر الثاني : قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) أي : ذلك التخبط عند خروجهم من قبورهم ، بسبب أنهم (قالُوا : إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) وأرادوا أن التراضي حاصل في البابين ، فإذا جازت الزيادة في أحدهما جازت في الآخر.
قال الزمخشري : وإنما قالوا : (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) ولم يعكسوا ، فيقولوا : إنما الربا مثل البيع ، لأن الكلام في الربا لا في البيع ، قال : لأن ذلك جيء به على وجه المبالغة ، وهو أنه قد بلغ من اعتقادهم في حل الربا أنهم جعلوه أصلا.
الزاجر الثالث : أن الله تعالى رد عليهم فقال تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) وبين تعالى أن القياس يهدمه النص.
الزاجر الرابع : قوله تعالى : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى) أراد بالموعظة التذكير والتخويف ، وذكر فعل الموعظة ولم يقل : فمن جاءته ؛ لأن تأنيثه غير حقيقي ، ولأنها في معنى الوعظ.
وقراءة الحسن : فمن جاءته موعظة وقوله تعالى : (فَلَهُ ما سَلَفَ) أي : لا يؤاخذ بالماضي ؛ لأنه أخذه قبل نزول التحريم ، فلا يجب رده ، وهذا عن السدي ، وقال الأصم : (فَلَهُ ما سَلَفَ) أي : يغفر ذنوبه السالفة.
وقوله تعالى : (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) قيل : ليس لأحد فيما أخذه قبل ذلك شيء ، وإنما هو شيء بينه وبين الله تعالى ، عن أبي مسلم ، وقال القاضي : بمعنى أنه لا يعلم أهو من أهل الجنة ، أو من أهل النار إلا الله تعالى.
وقيل : فيما يأمره وينهاه.
وقيل : في المغفرة وعدمها.
وقوله تعالى : (وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) هذا خامس.