لأنه في الغالب يتعذر الكاتب والشاهد ، فأمر أن يستوثق بالرهن ، وهو أمر ندب وإرشاد ، كما قيل في الكتابة.
والقراءة الظاهرة (وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً) على أنها للواحد ، وهو هكذا في المصحف.
وفي قراءة ابن عباس ، ومجاهد ، وأبي بن كعب ولم تجدوا [كتابا] قالوا : لأنه ربما وجد الكاتب ولم يجد آلة الكتابة ، من القرطاس والقلم ، وقراءة الضحاك (كتّابا) على جمع الكاتب ، والسفر ليس بشرط في صحة الرهن ، وإنما قيد الرهن به لأنه مظنة إعواز الكاتب والشاهد ، هذا مذهب جلة العلماء من الأئمة ، والفقهاء كأبي حنيفة ، والشافعي.
وقال مجاهد ، والضحاك ، وداود : لا يصح الرهن إلا في السفر.
قلنا : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رهن درعه من أبي شحمة اليهودي في الحضر ، [قال سيدنا] (١) : سمعته في الشفاء (شحمة) بالشين المعجمة.
وقال في الانتصار بالسين المهملة.
وقوله تعالى : (مَقْبُوضَةٌ) اختلف العلماء ، هل القبض شرط في صحة الرهن أم لا؟ فالذي حصله السادة للمذهب ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، والشافعي أن القبض شرط ؛ لأن الله تعالى وصف الرهن بالقبض بقوله تعالى : (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) (٢).
وقال الناصر ، ومالك ، وأبو ثور : القبض غير شرط ، وإنما ذكر لأن الاستيثاق إنما يحصل به ، فكما أن السفر غير شرط على الصحيح فكذا القبض.
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من بعض النسخ. وفي بعض النسخ [قال سيدنا نجم الدين ، كعبة المسترشدين يوسف بن أحمد بن عثمان أعاد الله من بركاته آمين].
(٢) اعلم أنه لا يؤخذ من ظاهر الآية من مفهوم الصفة أن القبض من ماهية عقد الرهن ، وإنما يؤخذ منه أنه مضمون بعد القبض. (ح / ص).