دين أنت؟ فقال : على ملة إبراهيم ، فقالوا : إن إبراهيم كان يهوديا ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم (فهلموا إلى التوراة) فأبوا. فنزلت. فالمراد بكتاب الله على هذا التوراة.
وعن ابن عباس أيضا (أن رجلا وامرأة زنيا ، وكانا محصنين ، وكانا ذا شرف ، وكان في التوراة الرجم ، فكرهوا رجمهما لشرفهما ، فرجعوا في أمرهما إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ورجوا أن يكون عنده رخصة ، فحكم بالرجم ، فقالوا : ليس عليهما. فقال : صلىاللهعليهوآلهوسلم (بيني وبينكم التوراة ، فمن أعلمكم؟ قالوا : ابن صوريا الفدكي ، فأتوا به ، وأحضروا التوراة ، فلما أتى على آية الرجم وضع يده عليها ، فقال ابن سلام : قد جاوز موضعها يا رسول الله ، فرفع كفه عنها ، فوجدوا آية الرجم ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهما فرجما ، فغضبت اليهود لذلك غضبا شديدا ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : (أنا أولى بأخي موسى ، وأنا أول من أحي سنة أماتوها) فنزلت (١).
ولها ثمرتان : الأولى : أن من دعا إلى كتاب الله تعالى ، وإلى ما فيه من شرع وجب عليه الإجابة ، وقد قال العلماء رضي الله عنهم : يستحب أن يقول : سمعا وطاعة ، لقوله تعالى في سورة النور : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) [النور : ٥١].
الثمرة الثانية : أن الإسلام ليس بشرط في الإحصان ، لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم رجم اليهوديين ، ونزلت الآية مقررة له ، وهذا قول الهادي ، وهو مروي عن القاسم ، والشافعي ، وابن أبي ليلى
وقال زيد بن علي ، والناصر ، وأبو حنيفة : إن الكافر لا يرجم ،
__________________
(١) وستأتي هذه أيضا في المائدة في قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ) الخ.