وقد رأيت أن يخرجوا معي ، فنزلت. وهذا رواه جويبر ، والضحاك ، عن ابن عباس.
ثمرة هذه الآية الكريمة : تحريم موالاة الكفار ؛ لأن الله تعالى نهى عنها ، وقال : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ).
قال الزمخشري : يعني أنه منسلخ من ولاية الله تعالى رأسا ، وهذا أمر معقول ، فإن موالاة الولي ، وموالاة عدوه متنافيان ، قال الشاعر :
تود عدوي ثم تزعم أنني |
|
صديقك ليس النوك (١) عنك بعازب |
النوك : الحمق.
وقال تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) قيل : أراد عذاب نفسه ، وقيل :
المراد ويحذركم إياه.
ثم إنه تعالى استثنى (التقية) فقال تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) فرخص الله تعالى في الموالاة للكفار للتقية (٢).
قال الزمخشري : يعني فتجوز معاشرة ، ومحالفة ظاهرة ، والقلب مطمئن بالعداوة والبغضاء ، وانتظار زوال المانع من قشر العصا ، يعني
__________________
(١) النوك : على وزن (فعل) بضم الفاء ، وسكون العين ـ الحمق ، وهو الجهل. قال في حاشية العلوي : وبعده أو قبله :
فليس أخي من ودني رأي عينه |
|
ولكن أخي من ودني في المغائب. |
النوك : الحمق ، والعازب : البعيد ، والمغائب : جمع مغيب ، وهو مكان الغيبة أو زمانها.
(٢) إن كانت التقية بمحظور ، فإنما يبيحه الخوف على النفس ، والمال المجحف فقط ، وإن كانت على واجب أباحها أي : ضرر كان ، وقد جعل حكم حضور جمعة الظلمة من هذا ، خلاف ما ذكره بعض المتأخرين أنه يبيح حضورها أي ضرر كان ، وهو غير ظاهر ؛ لأنه ارتكاب معصية فلا يبيحه ذلك. نجري.