وقوله تعالى : (بِإِذْنِهِ) قيل : أراد بأمره ، وقيل : بعلمه ، وقيل : بلطفه.
حتى إذا فشلوا ، أي أصابهم الفشل ، وهو الجبن ، وضعف الرأي ، وتنازعوا حصل بينهم التنازع ، فقال بعضهم : قد انهزم المشركون فما موقفنا هاهنا؟ وقال بعضهم : لا نخالف أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فممن ثبت مكانه عبد الله بن جبير ، أمير الرماة ، في نفر دون العشرة ، وهم المعنيون بقوله : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) ومال نفر سواهم ينهبون ، وهم الذين أرادوا الدنيا ، فكرّ المشركون على الرماة ، وقتلوا عبد الله بن جبير.
وقيل : والتقدير حتى إذا عصيتم وتنازعتم فشلتم (١).
وقيل : الواو لا توجب الترتيب ، والمعنى : فعلتم جميع ذلك فحصل الامتحان لكم ؛ لنبتلي صبركم على المصائب ، فالمعنى على هذا : أن قد صدق وعد الله بالنصر بقتلكم إياهم ، حتى حصل منكم معصية الرسول ؛ لأنه أمر بالثبات والصبر.
وثمرتها : أن أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالثبات والمصابرة يلزم ، فكذا أمر الإمام بمثل ذلك.
__________________
(١) وفي التهذيب ما لفظه (يقال : أين جواب (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ)؟ قلنا : فيه وجوه ـ الأول ـ أنه محذوف وتقديره حتى إذا فشلتم امتحنتم. الثاني ـ على زيادة الواو. والثالث ـ جوابه (صَرَفَكُمْ). ودخلت ثم في أضعاف الكلام لأنها في المعنى مثل إذ ؛ كأنه رد لفظ إذ لما طال الكلام ، وتلخيصه لقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم صرفكم عنهم عن أبي مسلم. الرابع ـ قيل : إن فشلتم تقديره حتى إذا فشلتم يعنى إلى أن فشلتم ، وحتى غاية بمعنى إلى ، وحينئذ لا جواب له ، وقيل : الواو زائدة في عصيتم ، أي حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر عصيتم نبيكم في لزوم الموضع الذي رتبكم فيه).