وقيل : إنه في معنى النفي ، كقوله تعالى : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) [مريم : ٣٥].
وأما على قراءة الرفع للياء ، فالمعنى : ما كان للنبي أن يخان ، يعني : يخونه أصحابه. ويكتمونه شيئا ، وخصه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن كانت الخيانة لغيره محرمة ـ لعظم خيانته ، أو لأنه القائم بأمر الغنائم ، فكأنه قيل : ما كان لأحد أن يغل.
وقيل : ما كان لنبي أن ينسب إلى الخيانة ، أو تظنّ به الخيانة.
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) قيل : يأتي به حاملا له يوم القيامة ؛ ليفضح به ، وقيل : يأتي بوباله ، وقيل : يمثّل له ذلك الشيء في النار ، ثم يقال له : انزل فخذه ، فينزل فيحمله على ظهره ، فإذا بلغ موضعه وقع في النار ، فيكلف لينزل إليه فيخرجه ، يفعل به ذلك عن الكلبي.
قال الحاكم : والأول الوجه ؛ لأنه الظاهر.
وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (ألا لا أعرفن أحدكم يأتي ببعير له رغاء ، وببقرة لها خوار ، وبشاة لها ثغاء ، فينادي يا محمد ، يا محمد ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد بلغتك).
وعن بعض جفاة الأعراب أنه سرق نافجة مسك ، فتليت عليه الآية ، فقال : إذا أحملها طيبة الريح ، خفيفة المحمل.
وثمرة الآية : تحريم الخيانة من المغنم ، فإنه جميعه مقسوم بين الغانمين ، ولا يرخص لأحد في شيء إلا ما استثني له (١) ، مما يحتاج إليه كالطعام ، وعلف البهائم ، إذا كان ممن له سهم ، أو رضخ ولم يبعه.
__________________
(١) وفي نسخة (إلا ما يستثنى مما يحتاج إليه).