وقوله تعالى : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أي : أقرب إلى عدم الميل ؛ لأن قوله : (أَلَّا تَعُولُوا) أي : تميلوا ، من قولهم : عال الميزان ، أي : مال. وعال الحاكم في حكمه ـ أي : جار.
وروي أن أعرابيا حكم عليه حاكم فقال : لا تعل علي (١).
وروت عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فسر قوله تعالى (أَلَّا تَعُولُوا) ألّا تجوروا.
وهذا قول أكثر المفسرين ، وهو مروي عن ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، وإبراهيم ، وقتادة ، والربيع ، والسدي ، وأبي علي ، وأبي مسلم.
وقيل : أدنى أن لا تفتقروا.
وقيل : أدنى أن لا تجاوزوا ما فرض عليكم ، وهذا مروي عن الفراء ، والأصم
وروي عن الشافعي «معناه : أن لا يكثر عيالكم ، لأن الجور قد فهم من قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) فلو فسر بالجور ، كان تكرارا ، وغلّط الشافعي في هذا ؛ لأن كثرة العيال تحصل من الإماء ، ولأنه يقال : عال يعيل إذا كثر عياله ، وقد وجه كلام الشافعي بأن المراد (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أي : تمونون عيالكم الكثير ؛ لأنه يقال : عال الرجل عياله ، ويعولهم ، مثل مانهم يمونهم ، هذا حمل جار الله لكلام الشافعي (٢).
__________________
(١) في نسخة (فقال : أتعول علي) وهو الموافق لما في الكشاف.
(٢) قول المصنف (أي : تمونون عيالكم الكثير) زيادة على ما في الكشاف ، والمعنى هنا غير واضح ، ولفظ الكشاف (والذي يحكى عن الشافعي رحمهالله أنه فسر (أن لا تعولوا) أن لا تكثر عيالكم. فوجهه أن يجعل من قولك : عال الرجل عياله